اتفق أمر الحكمين، فكفروه برضائه على الحكمين، والحال أنهم اضطروه على الرضا به، وهذا الشيخ من أعظم المخالفين اختار حكما يعدله وحكما يكفره من دون اضطراره والجأه إلى ذلك.
فإن كان في اختيار الحكم مصيبا فمولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين أحق وأولى بكونه مصيبا في هذه المسألة. وإن كان مخطئا وكافرا، فاستخلصنا من النظر في حاله، إذ قد شهد بكفره وضلالته، فنظره في كفره وايمانه أولى من النظر في تكفير أمير المؤمنين عليه السلام. فاستحسن هارون كلامه وأعطاه الجائزة اللائقة بحاله وأرسله إلى منزله (1).
وقال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتاب الملل والنحل أن هشام بن الحكم كان من متكلمي الشيعة، وقد وقع بينه وبين أبي الهذيل العلاف من قدماء علماء المعتزلة معارضات ومناظرات في علم الكلام (2).
ومن جملتها أن أبا هذيل قال: أريد المناظرة معك، فان غلبتني أدخل في مذهبك، وان صرت مغلوبا فادخل في مذهبي.
فأجاب هشام بأنك لم تسلك طريق الانصاف، إذ الانصاف ان غلبت فارجع إلى مذهبي، وان غلبت فارجع إلى امامي.
ومن مناظراته اللطيفة مع ضرار بن عمرو الضبي الذي كان من مشاهير زمانه أنه أتى إلى يحيى البرمكي فقال له يحيى: هل تتمكن من مناظرة رجل هو في هذا الزمان من أركان الشيعة، فقال ضرار: فاطلب من شئت. فأحضر هشام بن الحكم.
فلما حضر قال: هذا ضرار من المتكلمين يخالف معك في الأصول، اشتهى منك المناظرة معه في الإمامة، فقبل وتوجه إلى ضرار وقال: يا أبا عمرو أخبرني عن الولاية والبراءة هل هما واجبان في الظاهر أو في الباطن، فقال: في الظاهر إذ الوقوف على الباطن غير