والحسين عن عبد الله بن زرارة قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ مني والدك السلام وقل له اني انما أعيبك دفاعا مني، فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدنا مكانه، لادخال الأذى في من نحبه ونقربه، ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا، ويرون ادخال الأذى عليه وقتله، ويحمدون كل من عبناه نحن.
فإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا لميلك إلينا، وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر، فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين، ويكون ذلك منا دافع شرهم عنك: لقول الله عز وجل (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا).
فافهم المثل يرحمك الله، فإنك والله أحب الناس إلي وأحب أصحاب أبي حيا وميتا، وأنك أفضل سفن البحر القمقام الزاخر، وأن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا، ثم يغصبها وأهلها، فرحمة الله عليك حيا ورحمته ورضوانه عليك ميتا.
ولقد أدي إلي ابناك الحسن والحسين رسالتك أحاطهما الله وكلاهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما، كما حفظ الغلامين.
فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك أبي عليه السلام وأمرتك به وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه الا بأمر وسعنا ووسعكم الاخذ به، ولكل ذلك تصاريف ومعان توافق الحق، ولو أذن لنا لعلمتم أن الحق في الذي أمرناكم به، فردوا إلينا الامر وسلموا لنا، واصبروا لأحكامنا وارضوا به.
والذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه، فهو أعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها، فان شاء فرق بينها لتسلم، ثم يجمع بينها لتأمن من فسادها وخوف عدوها في آثار ما يأذن الله ويأتيها بالأمن من مأمنه، والفرج من عنده.
عليكم بالتسليم والرد إلينا، وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم، ولو قد قام قائمنا متكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرائع الدين والاحكام والفرائض كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم انكارا