ولعل منشأ قصر اصطلاحهم في الصحة فيما رواه الثقات صيرورة الأحاديث ظنية وانعدام الامارات التي تقتضي العمل بها بعنوان الضابطة، ومثل الحسن والموثقية واجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه وغير ذلك، وان صار ضابطة عند البعض مطلقا، أو في بعض رأيه، الا أن ذلك البعض لم يصطلح اطلاق الصحيح عليه، وإن كان يطلق عليه في بعض الأوقات، بل لعل الجميع أيضا يطلقون كذلك، كما سنشير إليه في أبان بن عثمان، حذرا من الاختلاط، لشدة اهتمامهم في مضبوطية قواعدهم ولئلا يقع تلبيس وتدليس فتأمل.
وبالجملة لا وجه للاعتراض عليهم بتغيير الاصطلاح، وتخصيصه بعد ملاحظة ما ذكرنا. وأيضا عدهم الحديث حسنا وموثقا منشأ القدماء ولا خفاء فيه، مع أن حديث الممدوحين عند القدماء ليس عندهم مثل حديث الثقة والمهمل والضعيف البتة وكذا الموثق، نعم لم يعهد منهم أنه حسن أو موثق وغير ذلك، والمعهود من المتأخرين لو لم يكن حسنا لم يكن فيه مشاحة البتة، مع أن حسنه غير خفي.
ثم إن مما ذكرنا ظهر فساد ما توهم بعض المتأخرين من أن قول مشايخ الرجال صحيح الحديث تعديل، وسيجئ في الحسن بن علي بن نعمان أيضا، نعم هو مدح فتدبر (1).
الفائدة الثانية عشر قد ذكرنا في السابق معنى الأصل والكتاب والمصنف والنوادر اجمالا، ولكن نذكرها هنا تفصيلا حسب ما نقله المولى البهبهاني في " تعق ".
فقال: ومنها أي من جملة ألفاظ المدح قولهم " له أصل وكتاب وله نوادر وله مصنف " اعلم أن الكتاب مستعمل في كلامهم في معناه المتعارف، وهو أعم مطلقا من الأصل والنوادر.
فإنه يطلق على الأصل كثيرا، منها ما سيجئ في ترجمة أحمد بن الحسين بن