ترجمة سلمان الفارسي ومن الحادية والثلاثين: سلمان الفارسي مولى رسول الله صلى الله عليه وآله يكنى أبا عبد الله، أول الأركان الأربعة وأقدمهم حاله عظيم جدا مشكور، كان في عنفوان الصبا ساعيا في طلب الدين يتردد عند علماء اليهود والنصارى ويصبر عند الشدائد الواردة عليه من هذا الممر حتى أنه في سلوك هذا الطريق قد باعه أزيد من عشرة موالي بالتناوب.
وفي آخر أمره اشتراه مولى كل الموالى خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله من يهودي، فقد بلغ محبته واخلاصه إلى حد، قال في حقه سيد الكائنات: سلمان منا أهل البيت. ولنعم ما قيل.
كانت مودة سلمان له نسبا * ولم يكن بين نوح وابنه رحما.
وقد استفاد شيخ الموحدين محي الدين محمد الأعرابي من هذه الرواية المعروفة بين الفريقين عصمته وطهارته. فقد نقل عنه في موضع من كتاب فتوحاته أنه قال: ولما كان رسول الله صلى الله عليه وآله عبدا مخلصا، أي: خالصا قد طهره الله تعالى وأهل بيته تطهيرا وأذهب عنهم الرجس وكل ما يشينهم، فان الرجس هو القذرة عند العرب على ما حكاه الفراء قال الله تعالى ﴿انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾ (1) فلا يضاف إليهم الا مطهرا.
ولابد أن يكون كذلك، فان المضاف إليهم هو الذي يشينهم، فما يضيفون لأنفسهم الا من حكم له الطهارة والتقديس، فهذا شهادة من النبي صلى الله عليه وآله لسلمان الفارسي بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة، حيث قال: سلمان منا أهل البيت، وشهد الله له بالتطهير وذهاب الرجس عنهم، وإذا كان لا يضاف إليهم الا مطهر مقدس حصلت له العناية الإلهية بمجرد الإضافة، فما ظنك بأهل البيت في نفوسهم،