ثم قال: نفعك الله به وثبتك، ثم أظهر للإمام عليه السلام متفاخرا لما أعطاه الله تعالى من النعمة وقال مؤكدا باليمين: بأنه لم يقهرني أحد في مباحث التوحيد إلى هذا اليوم الذي جلست في هذا المقام.
وعن الكتاب المذكور أن يحيى بن خالد البرمكي سال ابن الحكم في حضور الرشيد أن الحق يختلف في الجهتين أم لا؟ فقال هشام: لا يختلف ولا يمكن.
ثم قال يحيى أيضا: أخبرني من شخصين نازعا في حكم من أحكام الدين، فهل يجوز أن يكون كلاهما على الحق أو على الباطل، أو لابل يكون أحدهما على الحق والآخر على الباطل؟ فأجاب بأنه قد ظهر جواب هذه المسألة من سؤال السابق.
ثم قال: فأخبرني عن المخاصمة الواقعة بين علي عليه السلام وعباس رضي الله عنه في ميراث النبي صلى الله عليه وآله فأيهما على الحق وأيهما على الباطل؟ قال هشام: فلما نظرت رأيت أن أجبت بأن الحق مع عباس كفرت، وان أجبت بأن الحق مع علي عليه السلام يضرب هارون عنقي بالسيف، ولم يخطر ببالي هذه المسألة قبل هذا المجلس حتى أتفكر فيها.
فلم يكن لي جواب حاضر، فالتفت إلى دعاء المولى جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام الذي دعا في حقي، وقال: يا هشام لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك، فعلمت من دعائه أن لا أعجز عن جواب أحد.
فظهر لي الجواب وقلت: انهما لم يكونا على الباطل ولم يكن بينهما اختلاف، نظير ذلك ما وقع بين الملكين من الاختلاف في قصة داود عليه السلام وقال الله تعالى ﴿هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب - إلى قوله - خصمان بغى بعضنا على بعض﴾ (1) فقل يا يحيى ان الملكين الآتيين إلى خدمة داود عليه السلام برسم المنازعة والمخاصمة أيهما مخطئ وأيهما مصيب؟ وكيف يجوز تخطأتهما، وبالجملة فما هو جوابك هناك فهو جوابنا هنا.