الثالث في ذكر نبذة من أحوال المؤلف الفقير كثر الجرم والتقصير حيث أن الخوض في الحالات من عنفوان الصبابة إلى هذه الأوقات، مع كثرة الابتلاءات ووفور الآفات وغزارة الحسد، لعله موجب لارتكاب الامر العسير، فلنقتصر على اليسير.
فنقول: ان السن إذا بلغ الاثنا عشر قد اندرجت نفسي الخاطئة في زمرة الأطفال المتعلمة عند المعلم في رستاق جابلق، مع أخي الصبي الأكبر مني بقليل، فقرأت القرآن ثم اشتغلت بالكتب الفارسية عند معلم آخر في مدينة بروجرد، وبتعليم الخط في هذا الخلال.
ثم شرعت في العربية وقرأت الأمثلة وشرحها في برهة من الزمان، إلى أن وصلت إلى قراءة الصمدية والألفية وأمثالهما من كتب النحو، فقرأت طائفة منها عند الأستاذ الماهر الجرفادقاني، وطائفة أخرى كالمغني عند السيد السند والركن المعتمد الفاضل الكامل الأمير أبو القاسم التستري، وهو طاب ثراه كان ماهرا في فن النجوم، لم ير مثله في زمانه، شديد التصلب في الدين، منزويا في زاوية العزلة، قليل البضاعة شاكرا لنعمائه، هو مصداق قول الشاعر:
* كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه * الا أنه نور الله مرقده كان له رمد العين يمنعه من الاشتغال بالمطالعة والتدريس، حتى أني حين تلمذي في خدمته كنت مع أخي المرحوم تلونا عبارة الكتاب ثم يترجمها، بل ربما نبتدئ بقراءة العبارة، فيتلو باقيها بكمال مهارته في النحو، سيما في عبارات كتاب المغني، وكنا حين اشتغالنا بالتدريس عنده نكتب ترجمة الاشعار الموجودة فيه، فقرأنا من باب المفردات أكثرها، وكتبنا ترجمة أشعار ما قرأناه بالفارسية، نظير شواهد السيوطي.
ثم اشتغلنا بقراءة علم البيان عند العالم الجليل والفقيه النبيل المولى الاجل