والزلفى عند الله تعالى الذي هو عوض العبادات على وجه التعظيم انما هو هذه الأمور التي قد قبلها أمير البررة وقاطع أعناق الكفرة الفجرة، وهو فيه أكثر أو مختصة بجنابه، فلا معنى لان يعطى العزة والكرامة والثواب أكثر ممن له أسبابها.
وأما ثانيا: فعلى تقدير التسليم وامكانه عند العقل، فكيف يرضى العاقل نفي امامة من كان له هذه المناقب بمجرد احتمال أن الغير لعله كان أحسن، أو متصفا بالصفات الحميدة، مع أن ذلك مقطوع العدم بلا شبهة، بل يقول: إن امامة ذلك أولى وأليق حتى يثبت في غيره المنقبة، وقال الله تعالى ﴿أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي الا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون﴾ (1).
وقد نقل عن كتاب الايضاح من مؤلفات محمد بن جرير بن رستم الطبري أن يحيى البرمكي قد سأل عن هشام أن المشهور أن علي بن أبي طالب عليه السلام قد دعى عمر بن الخطاب بأمير المؤمنين، فهل هو في هذه الدعوة والتسمية صادق أم لا؟ فقال هشام: انه صادق. فقال يحيى: فلم تستنكروا إمامته؟
فقال هشام: ان الله تعالى وصف الأصنام بالآلهة عن لسان إبراهيم فقال تعالى (فراغ إلى آلهتهم (2) ومن البين أنهم ليسوا بآلهة في الحقيقة، وهو الله تعالى أصدق الصادقين، فيمكن أن يقاس المقام على هذا المنوال، ولم يطلق عليه أمير المؤمنين في الحقيقة، ولا يضر بصدق علي بن أبي طالب عليه السلام.
وهذا ويمكن أن يقال: إن اطلاقه عليه السلام هذا الوصف عليه انما هو بالنظر إلى أصل اللغة، ومعناه الامر على المؤمنين.
وقد نقل عن " كش " أيضا عن يونس بن عبد الرحمن أنه قال: إن هشام يطعن في أصول الفلاسفة، ومع ذلك كان هارون مائلا به بواسطة كلام صدر منه في باب ارث النبي صلى الله عليه وآله المشار إليه. وأما يحيى بن خالد البرمكي، فكان ضدا له ومكدرا منه، ويطلب الفرصة في دفعه، وينتظر الوقت والمقام.