دل ذلك على امتناع علماء ذلك الوقت عن الرواية عن الضعفاء، وعدم تمكين الناس من الاخذ منهم، وإلا لم يكن في رواية الثقتين الجليلين عن ابن سابور غرابة، ولا للمنع من الأنباري وجه.
ويشهد لذلك: قولهم - في مقام التضعيف -: " يعتمد المراسيل، ويروي عن الضعفاء والمجاهيل " فان هذا الكلام - من قائله - في قوة التوثيق لكل من يروي عنه.
وينبه عليه - أيضا - قولهم: " ضعفه أصحابنا " أو " غمز إليه أصحابنا " - أو بعض أصحابنا - من دون تعيين، إذ لولا الوثوق بالكل لما حسن هذا الاطلاق، بل وجب تعيين المضعف والغامز، أو التنبيه على أنه من الثقات.
ويدل على ذلك: اعتذارهم عن الرواية عن بني فضال، والطاطريين وأمثالهم من الفطحية والواقفة وغيرهم، بعمل الأصحاب برواياتهم لكونهم ثقات في النقل، وعن ذكر (ابن عقدة)، باختلاطه بأصحابنا ومداخلته لهم وعظم محله وثقته وأمانته.
وكذا اعتذار النجاشي عن ذكره لمن لا يعتمد عليه، بالتزامه لذكر من صنف من أصحابنا أو المنتمين إليهم: قال - في محمد بن عبد الملك ابن محمد التبان -: "... كان معتزليا ثم أظهر الانتقال، ولم يكن ساكنا وقد ضمنا أن نذكر كل مصنف ينتمى إلى هذه الطائفة " (1).
وقال - في المفضل بن عمر -: " انه كوفي فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به... وانما ذكرناه للشرط الذي قدمناه " (2).
وقد وصف جملة من الطرق بالضعف أو الجهالة على وجه يشعر بسلامة