الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٢ - الصفحة ٢٢٣

تقع في كتب غيره؟ ".
وقال العلامة المحدث الحسين النوري في (خاتمة مستدرك الوسائل: ج ٣ ص ٤٤٢) - بعد أن ترجم لابن داود الحلي ووصف كتابه الرجال - "... إلا أنهم في الاعتماد والمراجعة إلى كتابه هذا بين غال، ومفرط، ومقتصد: (فمن الأول) العالم الصمداني الشيخ حسين والد شيخنا البهائي، فقال في درايته (طبع إيران) الموسومة بوصول الأخيار: " وكتاب ابن داود - رحمه الله - في الرجال مغن لنا عن جميع ما صنف في هذا الفن وانما اعتمادنا الآن في ذلك عليه " (ومن الثاني) شيخنا الاجل المولى عبد الله التستري، فقال في شرحه على التهذيب في شرح سند الحديث الأول منه - في جملة كلام له -: " ولا يعتمد على ما ذكره ابن داود في باب (محمد بن أورمة) لان كتاب ابن داود مما لم أجده صالحا للاعتماد لما ظفرنا عليه من الخلل الكثير في النقل عن المتقدمين، وفي تنقيد الرجال والتمييز بينهم، ويظهر ذلك بأدنى تتبع للموارد التي نقل ما في كتابه منها " (ومن الثالث) جل الأصحاب، فتراهم يسلكون بكتابه سلوكهم بنظائره، ووصفوا مؤلفه بمدائح جليلة، فقال المحقق الكركي في إجازته للقاضي صفي الدين عيسى الحلي (المؤرخة ٩١) شهر رمضان سنة ٩٣٧ ه‍، والتي أوردها المجلسي في كتاب الإجازات (ص ٦٤: الملحق بآخر أجزاء البحار): " وعن الشيخ الامام سلطان الأدباء والبلغاء تاج المحدثين والفقهاء تقي الدين... " الخ وإن أحسن ما وصف به (رجال ابن داود) هو كلام التفريشي في (نقد الرجال)، كما تقدم آنفا، ومنه يعلم أن كلام الشيخ فرج الله الحويزي ليس في محله، وكذا كلام والد البهائي، فإنه لا يغني عن غيره أصلا، وان كلام المولى عبد الله التستري المذكور ليس بعيدا عن الصواب، وصاحب نقد الرجال هو تلميذه أما طريقة ابن داود في كتاب رجاله فان له مسلكا خاصا، وذلك أنه إن رمز بحروف (لم جخ) أراد بذلك عد الشيخ الطوسي الرجل المترجم له في رجاله ممن لم يرو عنهم عليهم السلام، وإن رمز بحرفي (لم) فقط، كان ذلك منه إشارة إلى خلو رجال النجاشي من نسبة الرواية عن إمام - عليه السلام - إلى الرجل، فكل من لم ينسب النجاشي إليه الرواية عن إمام - عليه السلام - رمز له ابن داود بحرفي (لم) مجردا عن حرفي (جخ)، وقد خفى ذلك على بعض أرباب المعاجم الرجالية كالميرزا محمد الاسترآبادي في (منهج المقال) والشيخ أبي علي الحائري في (منتهى المقال) وغيرهما، وقد كثر منهم الاعتراض على ابن داود في موارد عديدة رمز فيها بحرفي (لم) مع خلو رجال الشيخ - رحمه الله - عن ذلك، ولم يلتفتوا إلى أنه إذا رمز بحرفي (لم) مجردا عن حرفي (جخ) لم يرد ان الشيخ عده ممن لم يرو عنهم - عليهم السلام - وإنما يريد ذلك حيث عقب حرفي (لم) بحرفي (جخ) قال:
(لم جخ).
ويؤيد ما ذكرناه أورده المحقق المير داماد في الراشحة السابعة عشرة من كتابه (الرواشح السماوية): ص - ٦٧ طبع إيران سنة ١٣١١ ه‍) فقال ما نصه:
" إن الشيخ أبا العباس النجاشي قد علم من ديدنه الذي هو عليه في كتابه، وعهد من سيرته التي قد التزمها فيه: انه إذا كان لمن يذكره من الرجال رواية عن أحدهم - عليهم السلام - فإنه يورد ذلك في ترجمته أو في ترجمة رجل آخر غيره: إما من طريق الحكم به أو على سبيل النقل عن ناقل، فمهما أهمل القول فيه فذلك آية أن الرجل عنده من طبقة من لم يرو عنهم - عليهم السلام - وكذلك كل من فيه مطعن وغميزة فإنه يلتزم إيراد ذلك البتة، إما في ترجمته أو في ترجمة غيره، فمهما لم يورد ذلك مطلقا واقتصر على مجرد ترجمة الرجل أو ذكره من دون إرداف ذلك بمدح أو ذم - أصلا - كان ذلك آية ان الرجل سالم عنده عن كل مغمز ومطعن، فالشيخ تقي الدين بن داود حيث إنه يعلم هذا الاصطلاح فكلما رأى ترجمة رجل في كتاب النجاشي خالية عن نسبته إليهم - عليهم السلام - بالرواية عن أحد منهم، أورده في كتابه، وقال (لم جش) وكلما رأى ذكر رجل في كتاب النجاشي مجردا عن إيراد غمز فيه، أورده في قسم الممدوحين من كتابه مقتصرا على ذكره أو قائلا (جش) ممدوح، والقاصرون عن تعرف الأساليب والاصطلاحات كلما رأوا ذلك في كتابه اعترضوا عليه: بأن النجاشي لم يقل (لم) ولم يأت بمدح أو ذم، بل ذكر الرجل وسكت عن الزائد عن أصل ذكره، فاذن قد استبان لك ان من يذكره النجاشي من غير ذم ومدح يكون سليما عنده عن الطعن في مذهبه، وعن القدح في روايته، فيكون بحسب ذلك طريق الحديث من جهته قويا لا حسنا، ولا موثقا وكذلك من اقتصر الحسن بن داود على مجرد ذكره في قسم الممدوحين من غير مدح وقدح، يكون الطريق بحسبه قويا " (راجع: تعليقتنا ص ٢٤ من هذا الجزء) اما مشايخ ابن داود، فهم: المحقق الحلي نجم الدين والسيد جمال الدين أحمد بن طاووس، وولده السيد عبد الكريم بن طاووس، والشيخ مفيد الدين محد بن جهيم الأسدي كما صرح به عند ذكر طرقه في أول (كتاب الرجال: ص ٧) المطبوع بطهران:
وأما تلاميذه الذين يروون عنه، فهم: رضى الدين أبو الحسن علي بن أحمد ابن يحيى المزيدي الحلي، والشيخ زين الدين علي بن طراد المطار آبادي، كما ذكره الشهيد الثاني في (إجازته الكبيرة) للشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي التي ذكرها المجلسي في (كتاب الإجازات) الملحق بآخر كتاب (بحار الأنوار ص ٨٤) والشيخ يوسف البحراني في (كشكوله في ج ٢ ص ٢٠١) طبع النجف الأشرف والثالث ممن يروي عن ابن داود: هو ابن معية فان الشهيد الأول يروي عنه بواسطة ابن معية السيد تاج الدين أبي عبد الله محمد ابن السيد جلال الدين أبي جعفر القاسم بن الحسين العلوي الحسني الديباجي الحلي الذي عبر عنه الشهيد الأول - رحمه الله - في بعض إجازاته: بأنه أعجوبة الزمان في جميع الفضائل والمآثر، وقال الشهيد الأول في (مجموعته) التي هي بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي (جد الشيخ البهائي): إن هذا السيد المذكور مات في (٨) ربيع الثاني سنة ٧٧٦ ه‍ بالحلة، وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام.
أما شعره فلم نظفر بشئ منه سوى قصيدته التي رئى بها الشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح بن محمد الحلي الذي عمر نحوا من ثمانين سنة، وكان من علماء عصره، ثم انتقل من الحلة إلى مشهد الرضا عليه السلام بقصد المجاورة ومات به سنة ٦٩٠ ه‍ ذكر القصيدة صاحب (أمل الامل) في ترجمة ابن داود - كما أثبتها عنه سيدنا - قدس سره - في الأصل.
وقد ذكر سيدنا الأمين المحسن العاملي - رحمه الله - (ج ٢٢، ص ٣٤٩ من أعيان الشيعة) أن له قصيدة ذكرها صاحب (الحجج القوية في إثبات الوصية) وذكر منها قوله:
أفما نظرت إلى كلام محمد * يوم الغدير وقد أقيم المحمل من كنت مولاه فهذا حيدر * مولاه لا يرتاب فيه محصل نص النبي عليه نصا ظاهرا * بخلافة غراء لا تتأول ومن الغريب أنه لم تضبط سنة وفاته ولم يذكرها أحد من أصحاب المعاجم الرجالية مع شهوته، ولكنه كان حيا سنة ٦٩٠ ه‍، وهي سنة وفاة محفوظ بن وشاح الحلي الذي رثاه ابن داود كما تقدم، ولا يدرى كم سنة عاش بعد ذلك؟ - وتوجد في (مكتبة دانشكاه بطهران) نسخة من كتاب (بناء المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية) للسيد جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس الحسنى الحلي المتوفى سنة 673 ه‍، بخط تلميذه ابن داود الحلي، فرغ من كتابتها في شوال سنة 665 وكان قد قرأها على أستاذه ابن طاووس، وعلى ظهرها وآخرها بخط ابن داود قصائد لأستاذه المذكور ابن طاووس في أهل البيت عليهم السلام، منها قصيدته التي أنشأها عند عزمه مع تلميذه ابن داود على التوجه إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام لعرض كتابه (بناء المقالة العلوية) عليه مستجديا سبب يديه، وهي ثمانية أبيات مطلعها:
أتينا تباري الريح منا عزائم * إلى ملك يستثمر الغوث آمله ومنها قصيدته التي أنشأها حين تأخرت السفينة التي يتوجه فيها إلى الحضرة المقدسة الغروية مطلعها:
لئن عاقني عن قصد ربعك عائق * فوجدي لأنفاسي إليك طريق
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 223 224 225 232 233 234 ... » »»
الفهرست