ويدل على مذهب المجتهدين أيضا استصحاب عدم التكليف السابق.
حجة الأخباريين: الأخبار الدالة على التوقف إذا لم يعلم الحكم.
وفيه: أن المجتهدين قائلون بمضمونها، بل أساس اجتهادهم و مذهبهم على مضامين هذه الأخبار، إذ عرفت أنهم - من جهة أن الفتوى لا بد من أن تنتهي إلى العلم - يقولون: إن الحجة ظن المجتهد الجامع الشرائط، لا ظن غيره، لوجود العلم واليقين بحجية ظنه.
ويرد عليهم اعتراضات أخر ستعرفها.
واستدلوا أيضا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم (حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم).
وفيه أيضا نظر من وجوه:
الأول: أنه لا يدل على وجوب التوقف أو الحرمة، بل ظاهره أنه إن اتفق كونه حراما في الواقع يهلك، وإلا فلا.
والحاصل: أن في الخبر تصريحا بأن الشبهة غير الحرام، وأنها بين الحلال والحرام، وتصريحا أيضا: بأن الهلاك من حيث لا يعلم، فلا يكون الهلاك بإزاء ارتكاب الشبهة، لأنها معلومة والهلاك من حيث لا يعلم، فلا يكون قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات)