وهذا أيضا كسابقيه لا يهتدي، بل ربما ينكرون البديهي، ويدعون خلاف البديهي.
هذا حالهم في البديهيات فما ظنك بالنظريات القطعية، فضلا عن الظنية، فان الظن قريب من الشك والوهم وبأدنى قصور أو تقصير يخرب، سيما الظنيات التي وقع فيها اختلالات من وجوه متعددة، يحتاج رفعها وعلاجها إلى شرائط كثيرة.
الرابع: أن لا يكون في حال قصوره مستبدا برأيه، فإنا نرى كثيرا من طلاب العلم في أول أمرهم في نهاية قصور الباع وفقدان الاطلاع، ومع ذلك يستبدون بهذا الرأي القاصر الجاهل الغافل، فإذا رأوا كلام المجتهدين ولم يفهموا مرامهم - لقصورهم وفقد اطلاعهم - يشرعون في الطعن عليهم:
بأن ما ذكرتم من أين؟ وكلما لا يفهمون، ينكرون، بل ويشنعون عليهم، ولا يتأملون أن الانسان في أول أمره قاصر عن كل علم، وكذا عن كل صنعة، وكذا عن كل أمر جزئي سهل، فضلا عن الأمور الكلية العظام المشكلة، وأنه ما لم يكد ويجد في الطلب والتعب في تحصيل ذلك الجزئي لم يحصل له، فكيف يتوقع درك الأمور المشكلة العظيمة، والوصول إلى مرتبة المحققين المجتهدين؟ مع أنه لم يتهم بعد رأيه القاصر، ولم يهتم بتحصيل ما يخالف فهمه القاصر، ولم يدر (أن من طلب شيئا وجد وجد)، و (من قرع بابا ولج ولج)، ولا ينظر إلى أنه في حال تعلم الصنعة السهلة، أو الامر