والسنة وغيرهما ولا ريب لمن له أدنى المام بالمحاورات العرفية، في أن ظواهر الكلام متبعة في تعيين المراد، وعليه يدور رحى التكلم والخطابات من دون أي غمض منهم أصلا وانهم يفهمون من قول القائل: زيد قائم بالدلالة العقلية على أن فاعله مريد له، وان صدوره لغرض الإفادة، وان قائله أراد إفادة مضمون الجملة اخباريا أو انشائيا لا لغرض أخرى، وبما ان مفردات كلامه موضوعة يحكمون ان المتكلم أراد المعاني الموضوعة لها، وربما ان له هيئة تركيبية وله ظاهر ومتفاهم عرفي يحملون كلامه على أنه مستعمل فيما هو ظاهر فيه، وان الظاهر من تلك الهيئة التركيبية مراد استعمالا ثم يتبعون ذلك ان المراد استعمالا، مراد جدي، وان الإرادة الاستعمالية مطابقة بالإرادة الجدية كل ذلك أصول وبناء منهم في محاوراتهم العرفية، ولا يصغون إلى قول من أراد الخروج عن هذه القواعد وهذا واضح.
وانما الكلام في أن حجية الظواهر هل هو لأجل أصالة الحقيقة أو أصالة عدم القرينة أو أصالة الظهور، أو ان لكل مورد من الشك أصل يخص به التحقيق هو الأخير وان بنينا في الدورة السابقة على أن المعتبر عندهم أصل واحد وهو أصالة الظهور ولكن بعد التدبر ظهر لنا ان الحق هو الأخير.
وخلاصته ان الكلام الصادر من المتكلم إذا شك في حجيته فإن كان منشأ الشك احتمال عدم كونه بصدد التفهيم وان التخاطب لأجل اغراض اخر من الممارسة و التمرين، فقد عرفت ان الأصل العقلائي على خلافه، وإن كان مبدء الشك، احتمال استعمال اللفظ في غير ما وضع له غلطا من غير مصحح، فالأصل العقلائي على خلافه وإن كان الشك لأجل احتمال استعمال المتكلم كلامه في المعنى المجازى على الوجه الصحيح، فان قلنا إن المجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له ابتداءا كما هو المشهور فأصالة الحقيقة هو المتبع، وان قلنا على ما هو التحقيق بان المجاز استعمال اللفظ في ما وضع له للتجاوز إلى المعنى الجدي كما مر تحقيقه، فالمتبع هو تطابق الإرادة الاستعمالية