وإذا لاحظنا الجملة في الفئة الثانية وجدنا فيها أيضا عنصرا عاما يتوقف على معرفة معناه فهم الاحكام التي تدل عليها تلك الجمل، وهذا العنصر العام هو أداة الشرط المتمثلة في كلمة " إذا "، فإن هذه الأداة هي التي تدل على ربط وجوب الصلاة بالزوال، وربط وجوب الصوم بهلال رمضان، وربط وجوب الجهاد بمهاجمة العدو لبلاد الاسلام.
وفي الفئة الثالثة نجد عنصرا عاما وهو صيغة الجمع المعرف باللام، فإن هذه الصيغة موجودة في كلمة " العلماء " وكلمة " الفقهاء " وكلمة " الصبيان "، فيجب لكي نفهم حدود الاحكام التي دلت عليها الجمل الثلاث أن نعرف ما هو المدلول اللغوي لصيغة الجمع المعرف باللام وهل تدل على العموم - أي على شمول الحكم لجميع الافراد أو لا؟
وفي هذا الضوء نستطيع أن نقسم العناصر اللغوية من وجهة نظر أصولية إلى عناصر مشتركة في عملية الاستنباط وعناصر خاصة في تلك العملية.
فالعناصر المشتركة هي كل أداة لغوية تصلح للدخول في أي دليل مهما كان نوع الموضوع الذي يعالجه ذلك الدليل، ومثاله صيغة فعل الامر، فإن بالامكان استخدامها بالنسبة إلى أي موضوع، فيقال تارة: " أحسن إلى الفقير " وأخرى " صل " وثالثة " ادفع الخطر عن الاسلام ".
والعناصر الخاصة في عملية الاستنباط هي كل أداة لغوية لا تصلح للدخول إلا في الدليل الذي يعالج موضوعا معينا، ولا أثر لها في استنباط دليل سوى الدليل الذي يشتمل على حكم مرتبط بالاحسان، ولا علاقة للأدلة التي تشتمل على حكم الصلاة مثلا بكلمة " الاحسان "، فلهذا كانت كلمة " الاحسان " عنصرا خاصا في عملية الاستنباط، لأنها تختص باستنباط أحكام نفس الاحسان، ولا أثر لها في استنباط حكم موضوع آخر.