و " بشر "، وكيف يمكن افتراض ذلك؟ مع أننا نحس بالوجدان أن كلمة الوجوب وصيغة فعل الامر ليستا مترادفتين، وإلا لجاز أن نستبدل إحداهما بالأخرى فيقول الآمر: " وجوب الصلاة " بدلا عن " صل " ويقول:
" وجوب الصوم " بدلا عن " صم "، وما دام هذا الاستبدال غير جائز فنعرف أن صيغة فعل الامر تدل على معنى يختلف عن المعنى الذي تدل عليه كلمة الوجوب، ويصبح من الصعب عندئذ فهم القول السائد بين الأصوليين بأن صيغة فعل الامر تدل على الوجوب.
والحقيقة أن هذا القول يحتاج إلى تحليل مدلول صيغة فعل الامر لكي نعرف كيف تدل على الوجوب، ونحن حين ندقق في فعل الامر نجد أنه يشكل جملة مفيدة بضم فاعله إليه نظير فعل الماضي أو المضارع إذا ضم فاعله إليه، فكما أن " ذهب عامر " جملة مفيدة مكونة من فعل ماض وفاعل، كذلك جملة " اذهب " إذا خاطبت عامرا بها.
وقد مر سابقا أن الجملة المفيدة تدل هيئتها دائما على النسبة التامة، وعلى هذا الأساس يكون مدلول فعل الامر بوصفه جملة مفيدة هو النسبة التامة بين مادة الفعل والمخاطب، أي بين الذهاب والشخص المدعو للذهاب في مثال " اذهب " وبين الصلاة والشخص المدعو للصلاة في " صل " وهكذا. كما أن مدلول فعل الماضي أو المضارع هو النسبة التامة أيضا، ف " ذهب عامر " و " اذهب " كلتاهما جملتان مفيدتان تدلان على النسبة التامة بين مادة الفعل والفاعل.
ولكن " اذهب " و " ذهب " بالرغم من دلالتهما معا على النسبة التامة يختلفان أيضا من ناحية أخرى، لان " اذهب " تعتبر جملة انشائية وكذلك كل أفعال الامر، و " ذهب " تعتبر جملة خبرية، فأنت تقول: " ذهب عامر " حين تريد أن تخبر عن ذهابه، وتقول: " اذهب " حين تريد أن تدفعه إلى