أو بالشرع لهذا الموضوع فتتقدم الأدلة الاجتهادية على الأدلة الفقاهتية قهرا، ويتم ذلك من خلال منهجين مختلفين هما (الحكومة) و (الورود).
ولابد لهذا الأمر من إيضاح وتفصيل وشرح، وإليك هذا الشرح.
الورود:
نستطيع أن نفهم المعنى الإجمالي ل " الورود " من خلال العلاقة بين الأمارات والأصول العملية العقلية، وهي البراءة العقلية، والاحتياط والتخيير العقليان.
فإن خبر الثقة الواحد من الأمارات الظنية التي تثبت حجيتها بالدليل القطعي، باعتبار الشارع له.
فإذا ورد خبر من ثقة على حكم شرعي يعتبر هذا الخبر بيانا من قبل الشارع على ذلك الحكم، وبه يرتفع موضوع البراءة العقلية وهو " عدم البيان " فإن الدليل على البراءة العقلية هو قاعدة " قبح العقاب بلا بيان " ومع ثبوت البيان من ناحية الشرع تنتفي البراءة العقلية انتفاء تكوينيا. وهذا هو " الورود ".
وكذلك يتقدم خبر الثقة الواحد على أصالة الاحتياط العقلية، فإن موضوع أصالة الاحتياط هو احتمال العقاب على ترك الوجوب المحتمل أو ارتكاب الحرمة المحتملة، ومع حصول خبر الثقة الذي ثبتت حجيته من ناحية الشرع يحصل للمكلف الأمن من العقوبة على مخالفة الوجوب المحتمل أو ارتكاب الحرمة المحتملة. لأن المكلف حينذاك يستند في ترك الواجب المحتمل أو ارتكاب الحرام المحتمل إلى ترخيص وإذن من الشارع، وبه يأمن عقوبة الشارع، ولا يبقى موضوع ولا مجال لجريان أصالة الاحتياط من الناحية العقلية.
كذلك يتقدم خبر الثقة الواحد على أصالة التخيير العقلية، فإن التخيير العقلي هو عدم وجود مرجح لأحد الطرفين على الطرف الآخر، وخبر الثقة الواحد يصلح أن يكون مرجحا للطرف الذي يدل عليه الخبر على الطرف الآخر، فلا يبقى مع وصول الخبر موضوع ولا مجال لجريان أصالة التخيير العقلية.