الطبيعة من حيث هي، فلابد من دال آخر على كل منهما.
أما الإطلاق، فإنه يقتضي الاكتفاء بالمرة. وتفصيل ذلك:
إن مطلوب المولى لا يخلو من أحد وجوه ثلاثة (ويختلف الحكم فيها من ناحية جواز الاكتفاء وجواز التكرار):
1 - أن يكون المطلوب صرف وجود الشئ بلا قيد ولا شرط، بمعنى أنه يريد ألا يبقى مطلوبه معدوما، بل يخرج من ظلمة العدم إلى نور الوجود لا أكثر، ولو بفرد واحد. ولا محالة - حينئذ - ينطبق المطلوب قهرا على أول وجوداته، فلو أتى المكلف بما أمر به أكثر من مرة فالامتثال يكون بالوجود الأول، ويكون الثاني لغوا محضا، كالصلاة اليومية.
2 - أن يكون المطلوب الوجود الواحد بقيد الوحدة، أي بشرط ألا يزيد على أول وجوداته فلو أتى المكلف حينئذ بالمأمور به مرتين لا يحصل الامتثال أصلا، كتكبيرة الإحرام للصلاة، فإن الإتيان بالثانية عقيب الأولى مبطل للأولى وهي تقع باطلة.
3 - أن يكون المطلوب الوجود المتكرر، إما بشرط تكرره فيكون المطلوب هو المجموع بما هو مجموع، فلا يحصل الامتثال بالمرة أصلا كركعات الصلاة الواحدة. وإما لا بشرط تكرره بمعنى أنه يكون المطلوب كل واحد من الوجودات كصوم أيام شهر رمضان، فلكل مرة امتثالها الخاص.
ولا شك أن الوجهين الأخيرين يحتاجان إلى بيان زائد على مفاد الصيغة. فلو أطلق المولى ولم يقيد بأحد الوجهين - وهو في مقام البيان - كان إطلاقه دليلا على إرادة الوجه الأول. وعليه، يحصل الامتثال - كما قلنا - بالوجود الأول، ولكن لا يضر الوجود الثاني، كما أنه لا أثر له في الامتثال وغرض المولى.