ولتوضيح الحال وبيان الحق في المسألة نقول: إن هذا الفرض له أربع حالات:
الأولى: أن يكون الأمران معا غير معلقين على شرط، كأن يقول مثلا:
" صل " ثم يقول ثانيا " صل " فإن الظاهر حينئذ أن يحمل الأمر الثاني على التأكيد، لأن الطبيعة الواحدة يستحيل تعلق الأمرين بها من دون امتياز في البين، فلو كان الثاني تأسيسا غير مؤكد للأول لكان على الآمر تقييد متعلقه ولو بنحو " مرة أخرى ". فمن عدم التقييد وظهور وحدة المتعلق فيهما يكون اللفظ في الثاني ظاهرا في التأكيد وإن كان التأكيد في نفسه خلاف الأصل وخلاف ظاهر الكلام لو خلي ونفسه.
الثانية: أن يكون الأمران معا معلقين على شرط واحد، كأن يقول المولى مثلا: " إن كنت محدثا فتوضأ "، ثم يكرر نفس القول ثانيا، ففي هذه الحالة أيضا يحمل على التأكيد لعين ما قلناه في الحالة الأولى بلا تفاوت.
الثالثة: أن يكون أحد الأمرين معلقا والآخر غير معلق، كأن يقول مثلا: " اغتسل " ثم يقول: " إن كنت جنبا فاغتسل " ففي هذه الحالة أيضا يكون المطلوب واحدا ويحمل على التأكيد، لوحدة المأمور به ظاهرا المانعة من تعلق الأمرين به. غير أن الأمر المطلق - أعني غير المعلق - يحمل إطلاقه على المقيد - أعني المعلق - فيكون الثاني مقيدا لإطلاق الأول وكاشفا عن المراد منه.
الرابعة: أن يكون أحد الأمرين معلقا على شئ والآخر معلقا على شئ آخر، كأن يقول مثلا: " إن كنت جنبا فاغتسل " ويقول: " إن مسست ميتا فاغتسل " ففي هذه الحالة يحمل - ظاهرا - على التأسيس، لأن الظاهر أن المطلوب في كل منهما غير المطلوب في الآخر، ويبعد جدا