والمختار: أن مجرد الأمر بالأمر ظاهر عرفا في وجوبه على الثاني.
توضيح ذلك: أن الأمر بالأمر لا على نحو التبليغ يقع على صورتين:
الأولى: أن يكون غرض المولى يتعلق في فعل المأمور الثاني، ويكون أمره بالأمر طريقا للتوصل إلى حصول غرضه. وإذا عرف غرضه أنه على هذه الصورة يكون أمره بالأمر - لا شك - أمرا بالفعل نفسه.
الثانية: أن يكون غرضه في مجرد أمر المأمور الأول من دون أن يتعلق له غرض بفعل المأمور الثاني، كما لو أمر المولى ابنه - مثلا - أن يأمر العبد بشئ ولا يكون غرضه إلا أن يعود ابنه على إصدار الأوامر أو نحو ذلك، فيكون غرضه فقط في إصدار الأول أمره، فلا يكون الفعل مطلوبا له أصلا في الواقع.
وواضح لو علم الثاني المأمور بهذا الغرض لا يكون أمر المولى بالأمر أمرا له ولا يعد عاصيا لمولاه لو تركه، لأن الأمر المتعلق لأمر المولى يكون مأخوذا على نحو الموضوعية وهو متعلق الغرض، لا على نحو الطريقية لتحصيل الفعل من العبد - المأمور الثاني -.
فإن قامت قرينة على إحدى الصورتين المذكورتين فذاك، وإن لم تقم قرينة فإن ظاهر الأوامر عرفا مع التجرد عن القرائن هو أنه على نحو الطريقية.
فإذا، الأمر بالأمر مطلقا يدل على الوجوب، إلا إذا ثبت أنه على نحو الموضوعية، وليس مثله يقع في الأوامر الشرعية.
* * *