نقول: إن الإشكال والنزاع هنا إنما هو فيما إذا انقضى التلبس بالمبدأ وأريد إطلاق المشتق فعلا على الذات التي انقضى عنها التلبس، أي أن الإطلاق عليها بلحاظ حال النسبة والإسناد الذي هو حال النطق غالبا، كأن تقول مثلا: " زيد عالم فعلا " أي أنه الآن موصوف بأنه عالم، لأ أنه كان فيما مضى عالما، كمثال إثبات الكراهة للوضوء بالماء المسخن بالشمس سابقا بتعميم لفظ المسخن في الدليل لما كان مسخنا.
فتحصل مما ذكرناه ثلاثة أمور:
1 - إن إطلاق المشتق بلحاظ حال التلبس حقيقة مطلقا، سواء كان بالنظر إلى ما مضى أو الحال أو المستقبل. وذلك بالاتفاق.
2 - إن إطلاقه على الذات فعلا بلحاظ حال النسبة والإسناد قبل زمان التلبس لأنه سيتلبس به فيما بعد مجاز بلا إشكال، وذلك بعلاقة الأول أو المشارفة. وهذا متفق عليه أيضا.
3 - إن إطلاقه على الذات فعلا - أي بلحاظ حال النسبة والإسناد - لأ أنه كان متصفا به سابقا، هو محل الخلاف والنزاع. فقال قوم بأنه حقيقة، وقال آخرون بأنه مجاز.
المختار:
إذا عرفت ما تقدم من الأمور، فنقول:
الحق أن المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدأ، ومجاز في غيره.
ودليلنا: التبادر، وصحة السلب عمن زال عنه الوصف، فلا يقال لمن هو قاعد بالفعل: " إنه قائم " ولا لمن هو جاهل بالفعل: " إنه عالم " وذلك لمجرد أنه كان قائما أو عالما فيما سبق. نعم، يصح ذلك على نحو المجاز.