منه يكون انتزاع المشتق واشتقاقه ويصحح (1) صدقه على الذات - بمعنى أن تكون الذات باقية محفوظة لو زال تلبسها بالصفة، فهي تتلبس بها تارة ولا تتلبس بها أخرى والذات تلك الذات في كلا الحالين.
وإنما نشترط ذلك فلأجل أن نتعقل انقضاء التلبس بالمبدأ مع بقاء الذات حتى يصح أن نتنازع في صدق المشتق حقيقة عليها مع انقضاء حال التلبس بعد الاتفاق على صدقه حقيقة عليها حال التلبس. وإلا لو كانت الذات تزول بزوال التلبس لا يبقى معنى لفرض صدق المشتق على الذات مع انقضاء حال التلبس لا حقيقة ولا مجازا.
وعلى هذا، لو كان المشتق من الأوصاف التي تزول الذات بزوال التلبس بمبادئها فلا يدخل في محل النزاع وإن صدق عليها اسم المشتق، مثلما لو كان من الأنواع أو الأجناس أو الفصول بالقياس إلى الذات، كالناطق والصاهل والحساس والمتحرك بالإرادة.
واعتبر ذلك في مثال كراهة الجلوس للتغوط تحت الشجرة المثمرة، فإن هذا المثال يدخل في محل النزاع لو زالت الثمرة عن الشجرة، فيقال:
هل يبقى اسم المثمرة صادقا حقيقة عليها حينئذ فيكره الجلوس أولا؟ أما لو اجتثت الشجرة فصارت خشبة فإنها لا تدخل في محل النزاع، لأن الذات - وهي الشجرة - قد زالت بزوال الوصف الداخل في حقيقتها، فلا يتعقل معه بقاء وصف " الشجرة المثمرة " لها، لا حقيقة ولا مجازا. وأما الخشب فهو ذات أخرى لم يكن فيما مضى قد صدق عليه - بما أنه خشب - وصف " الشجرة المثمرة " حقيقة، إذ لم يكن متلبسا بما هو خشب بالشجرية (2) ثم زال عنه التلبس.