أنه يعلم ذلك فعلا أو أنه مشغول بالقضاء بين الناس فعلا، بل بمعنى: أن له ملكة العلم أو منصب القضاء، فما دامت الملكة أو الوظيفة موجودتين فهو متلبس بالمبدأ حالا وإن كان نائما أو غافلا. نعم، يصح أن نتعقل الانقضاء إذا زالت الملكة أو سلبت عنه الوظيفة، وحينئذ يجري النزاع في أن وصف القاضي - مثلا - هل يصدق حقيقة على من زال عنه منصب القضاء.
وكذلك الحال في مثل النجار والخياط والمنشار، فلا يتصور فيها الانقضاء إلا بزوال حرفة النجارة ومهنة الخياطة وشأنية النشر في المنشار.
والخلاصة: أن الزوال والانقضاء في كل شئ بحسبه، والنزاع في المشتق إنما هو في وضع الهيئات مع قطع النظر عن خصوصيات المبادئ المدلول عليها بالمواد التي تختلف اختلافا كثيرا.
- 4 - استعمال المشتق بلحاظ حال التلبس حقيقة اعلم أن المشتقات التي هي محل النزاع بأجمعها هي من الأسماء.
والأسماء مطلقا لا دلالة لها على الزمان حتى اسم الفاعل واسم المفعول، فإنه كما يصدق " العالم " حقيقة على من هو عالم فعلا كذلك يصدق حقيقة على من كان عالما فيما مضى أو يكون عالما فيما يأتي بلا تجوز إذا كان إطلاقه عليه بلحاظ حال التلبس بالمبدأ، كما إذا قلنا: " كان عالما " أو " سيكون عالما " فإن ذلك حقيقة بلا ريب، نظير الجوامد لو تقول فيها مثلا: " الرماد كان خشبا " أو " الخشب سيكون رمادا ". فإذن إذا كان الأمر كذلك فما موقع النزاع في إطلاق المشتق على ما مضى عليه التلبس أنه حقيقة أو مجاز؟