فإن الأصل حينئذ أن يحمل الكلام على الظاهر فيه.
وفي الحقيقة أن جميع الأصول المتقدمة راجعة إلى هذا الأصل، لأن اللفظ مع احتمال المجاز - مثلا - ظاهر في الحقيقة، ومع احتمال التخصيص ظاهر في العموم، ومع احتمال التقييد ظاهر في الإطلاق، ومع احتمال التقدير ظاهر في عدمه. فمؤدى أصالة الحقيقة نفس مؤدى أصالة الظهور في مورد احتمال التخصيص (1) وهكذا في باقي الأصول المذكورة.
فلو عبرنا بدلا عن كل من هذه الأصول ب " أصالة الظهور " كان التعبير صحيحا مؤديا للغرض، بل كلها يرجع اعتبارها إلى اعتبار أصالة الظهور، فليس عندنا في الحقيقة إلا أصل واحد هو " أصالة الظهور " ولذا لو كان الكلام ظاهرا في المجاز واحتمل إرادة الحقيقة انعكس الأمر وكان الأصل من اللفظ المجاز، بمعنى أن الأصل الظهور، ومقتضاه الحمل على المعنى المجازي ولا تجري أصالة الحقيقة حينئذ. وهكذا لو كان الكلام ظاهرا في التخصيص أو التقييد.
حجية الأصول اللفظية:
وهي الجهة الثانية من البحث عن الأصول اللفظية، والبحث عنها يأتي في بابه وهو باب " مباحث الحجة ". ولكن ينبغي الآن أن نتعجل في البحث عنها - لكثرة الحاجة إليها - مكتفين بالإشارة، فنقول:
إن المدرك والدليل في جميع الأصول اللفظية واحد وهو تباني العقلاء في الخطابات الجارية بينهم على الأخذ بظهور الكلام وعدم الاعتناء باحتمال إرادة خلاف الظاهر، كما لا يعتنون باحتمال الغفلة أو الخطأ