وهم ودفع:
الوهم: قد يعترض على المختار فيقال:
إنه لا يمكن الوضع بإزاء الأعم، لأن الوضع له يستدعي أن نتصور معنى كليا جامعا بين أفراده ومصاديقه هو الموضوع له، كما في أسماء الأجناس. وكذلك الوضع للصحيح يستدعي تصور كلي جامع بين مراتبه وأفراده.
ولا شك أن مراتب الصلاة - مثلا - الفاسدة والصحيحة كثيرة متفاوتة، وليس بينها قدر جامع يصح وضع اللفظ بإزائه.
توضيح ذلك: أن أي جزء من أجزاء الصلاة - حتى الأركان - إذا فرض عدمه يصح صدق اسم الصلاة على الباقي بناء على القول بالأعم، كما يصح صدقه مع وجوده وفقدان غيره من الأجزاء. وعليه يكون كل جزء مقوما للصلاة عند وجوده غير مقوم عند عدمه، فيلزم التبدل في حقيقة الماهية. بل يلزم الترديد فيها عند وجود تمام الأجزاء، لأن أي جزء منها لو فرض عدمه يبقى صدق الاسم على حاله.
وكل منهما - أي التبدل والترديد في الحقيقة الواحدة - غير معقول، إذ أن كل ماهية تفرض لابد أن تكون متعينة في حد ذاتها وإن كانت مبهمة من جهة تشخصاتها الفردية. والتبدل أو الترديد في ذات الماهية معناه إبهامها في حد ذاتها، وهو مستحيل.
الدفع: إن هذا التبادل في الأجزاء وتكثر مراتب الفاسدة لا يمنع من فرض قدر مشترك جامع بين الأفراد، ولا يلزم التبدل والترديد في ذات الحقيقة الجامعة بين الأفراد. وهذا نظير لفظ " الكلمة " الموضوع لما تركب من حرفين فصاعدا، ويكون الجامع بين الأفراد هو " ما تركب من حرفين فصاعدا " مع أن الحروف كثيرة، فربما تتركب الكلمة من الألف والباء