المتكلم - فإنه لا مانع من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، لبقاء العام على ظهوره، وهو حجة بلا مزاحم.
واستشهد على ذلك بما ذكره من الطريقة المعروفة والسيرة المستمرة المألوفة بين العقلاء، كما إذا أمر المولى منهم عبده بإكرام جيرانه، وحصل القطع للعبد بأن المولى لا يريد إكرام من كان عدوا له من الجيران، فإن العبد ليس له ألا يكرم من يشك في عداوته، وللمولى أن يؤاخذه على عدم إكرامه. ولا يصح منه الاعتذار بمجرد احتمال العداوة، لأن بناء العقلاء وسيرتهم هي ملاك حجية أصالة الظهور، فيكون ظهور العام في هذا المقام حجة بمقتضى بناء العقلاء.
وزاد على ذلك بأنه يستكشف من عموم العام للفرد المشكوك أنه ليس فردا للخاص الذي علم خروجه من حكم العام. ومثل له بعموم قوله:
" لعن الله بني فلان قاطبة " (1) المعلوم منه خروج من كان مؤمنا منهم، فإن شك في إيمان شخص يحكم بجواز لعنه، للعموم. وكل من جاز لعنه ليس مؤمنا، فينتج من الشكل الأول: هذا الشخص ليس مؤمنا (2).
هذا خلاصة رأي صاحب الكفاية (قدس سره) ولكن شيخنا المحقق الكبير النائيني - أعلى الله مقامه - لم يرتض هذا التفصيل، ولا إطلاق رأي الشيخ (قدس سره)، بل ذهب إلى تفصيل آخر.
وخلاصته: أن المخصص اللبي سواء كان عقليا ضروريا يصح أن يتكل عليه المتكلم في مقام التخاطب، أو لم يكن كذلك - بأن كان عقليا نظريا أو إجماعا - فإنه كالمخصص اللفظي كاشف عن تقييد المراد الواقعي في العام: من عدم كون موضوع الحكم الواقعي باقيا على إطلاقه الذي يظهر فيه العام. فلا مجال للتمسك بالعام في الفرد المشكوك بلا فرق