إذا عرفت ذلك، فنقول: إن الظاهر في الوصف - لو خلي وطبعه من دون قرينة - أنه من قبيل الثاني - أي أنه قيد للموضوع لا للحكم - فيكون الحكم من جهته مطلقا غير مقيد. فلا مفهوم للوصف.
ومن هذا التقرير يظهر بطلان ما استدلوا به لمفهوم الوصف بالأدلة الآتية:
1 - إنه لو لم يدل الوصف على الانتفاء عند الانتفاء لم تبق فائدة فيه.
والجواب: أن الفائدة غير منحصرة برجوعه إلى الحكم. وكفى فائدة فيه تحديد موضوع الحكم وتقييده به.
2 - إن الأصل في القيود أن تكون احترازية.
والجواب: أن هذا مسلم، ولكن معنى الاحتراز هو تضييق دائرة الموضوع وإخراج ما عدا القيد عن شمول شخص الحكم له، ونحن نقول به، وليس هذا من المفهوم في شئ، لأن إثبات الحكم لموضوع لا ينفي ثبوت سنخ الحكم لما عداه، كما في مفهوم اللقب. والحاصل: أن كون القيد احترازيا لا يلزم إرجاعه قيدا للحكم.
3 - إن الوصف مشعر بالعلية، فيلزم إناطة الحكم به.
والجواب: أن هذا الإشعار وإن كان مسلما، إلا أنه ما لم يصل إلى حد الظهور لا ينفع في الدلالة على المفهوم.
4 - الاستدلال بالجمل التي ثبتت دلالتها على المفهوم، مثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " مطل الغني ظلم " (1).
والجواب: أن ذلك على تقديره لا ينفع، لأ نا لا نمنع من دلالة التقييد بالوصف على المفهوم أحيانا لوجود قرينة، وإنما موضوع البحث في اقتضاء طبع الوصف لو خلى ونفسه للمفهوم.