والندب، والإباحة، حتى يصح أن يكون عالما بما يفتى به.
فان أخل بذلك أو بشئ منه، لم يأمن أن يكون ما أفتى به بخلاف ما أفتى به، وذلك قبيح.
وقد عد من خالفنا في هذه الأقسام انه لابد أن يكون عالما بالقياس، والاجتهاد، واخبار الآحاد، ووجوه العلل والمقاييس، واثبات الامارات المقتضية لغلبة الظن، واثبات الاحكام (1).
وقد بينا نحن فساد ذلك وانها ليست من أدلة الشرع.
واما المستفتى فعلى ضربين:
أحدهما: أن يكون متمكنا من الاستدلال والوصول إلى العلم بالحادثة مثل المفتي، فمن هذه صورته لا يجوز له أن يقلد المفتى ويرجع إلى فتياه، وانما قلنا ذلك، لان قول المفتى غاية ما يوجبه غلبة الظن، وإذا كان له طريق إلى حصول العلم فلا يجوز له أن يعمل على غلبة الظن على حال.
وأما إذا لم يمكنه الاستدلال ويعجز عن البحث عن ذلك، فقد اختلفت قول العلماء في ذلك.
فحكي عن قوم من البغداديين (2) انهم قالوا: لا يجوز له أن يقلد المفتى، وانما ينبغي أن يرجع إليه لينبهه على طريقة العلم بالحادثة، وان تقليده محرم على كل حال، وسووا في ذلك بين احكام الفروع والأصول.
وذهب البصريون (3)، والفقهاء بأسرهم (4) إلى أن العامي لا يجب عليه