" ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين " ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، فقال: " وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين " [الانعام: 53] ثم قال: " وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الانعام: 54] قال: فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله عز وجل " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا " [الكهف: 28] ولا تجالس الاشراف " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا " [الكهف: 28] يعني عيينة والأقرع، " واتبع هواه وكان أمره فرطا " (1) [الكهف: 28]، أي هلاكا. قال: أمر عيينة والأقرع، ثم ضرب لهم مثل الرجلين ومثل الحياة الدنيا. قال خباب: فكنا نقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم، رواه عن أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا عمرو بن محمد العنقزي (2) حدثنا أسباط عن السدي عن أبي سعيد (3) الأزدي وكان قارئ الأزد عن أبي الكنود عن خباب، وأخرجه أيضا عن سعد قال: نزلت هذه الآية فينا ستة، في وفي ابن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال، قال: قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نرضى أن نكون أتباعا لهم فاطردهم، قال: فدخل قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ما شاء الله أن يدخل، فأنزل الله عز وجل: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي " الآية. وقرئ (بالغدوة) وسيأتي بيانه في (الكهف) (1) إن شاء الله.
قوله تعالى: " ما عليك من حسابهم من شئ " أي من جزائهم ولا كفاية (4) أرزاقهم، أي جزاؤهم ورزقهم على الله، وجزاؤك ورزقك على الله لا على غيره. (من) الأولى للتبعيض، والثانية زائدة للتوكيد. وكذا " وما من حسابك عليهم من شئ " المعنى وإذا كان الامر كذلك فاقبل عليهم وجالسهم ولا تطردهم مراعاة لحق من ليس على مثل حالهم في الدين