وجواب (إن) محذوف تقديره: فمن يأتيكم به، وموضعه نصب، لأنها في موضع الحال كقولك: اضربه إن خرج أي خارجا. ثم قيل: المراد المعاني القائمة بهذه الجوارح، وقد يذهب الله الجوارح والاعراض جميعا فلا يبقي شيئا، قال الله تعالى: " من قبل أن نطمس وجوها " (1) [النساء: 47] والآية احتجاج على الكفار. (من إله غير الله يأتيكم به) " من " رفع بالابتداء وخبرها " إله " و " غيره " صفة له، وكذلك " يأتيكم " موضعه رفع بأنه صفة " إله " ومخرجها مخرج الاستفهام، والجملة التي هي منها في موضع مفعولي رأيتم. ومعنى " أرأيتم ".
علمتم، ووحد الضمير في (به) - وقد تقدم الذكر بالجمع - لان المعنى أي بالمأخوذ، فالهاء راجعة إلى المذكور. وقيل: على السمع بالتصريح، مثل قوله: " والله ورسوله أحق أن يرضوه " (2) [التوبة: 62] ودخلت الابصار والقلوب بدلالة التضمين. وقيل: " من إله غير الله يأتيكم ".
بأحد هذه المذكورات. وقيل: على الهدى الذي تضمنه المعنى.
وقرأ عبد الرحمن الأعرج (به انظر) بضم الهاء على الأصل، لان الأصل أن تكون الهاء مضمومة كما تقول: جئت معه. قال النقاش: في هذه الآية دليل على تفضيل السمع على البصر لتقدمته هنا وفي غير آية، وقد مضى هذا في أول " البقرة (3) " مستوفى. وتصريف الآيات الاتيان بها من جهات، من إعذار وإنذار وترغيب وترهيب ونحو ذلك. (ثم هم يصدفون) أي يعرضون. عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي، يقال: صدف عن الشئ إذا أعرض عنه صدفا وصدوفا فهو صادف. وصادفته مصادفة أي لقيته عن إعراض عن جهته، قال ابن الرقاع:
إذا ذكرن حديثا قلن أحسنه * وهن عن كل سوء يتقى صدف والصدف في البعير أن يميل خفه من اليد أو الرجل إلى الجانب الوحشي، فهم [يصدفون (4) أي] مائلون معرضون عن الحجج والدلالات.