وفي حديث عبد الله بن زيد، قال: وهي زيادة يجب قبولها. وزعم الشافعي أن أذان أهل مكة لم يزل في آل أبي محذورة كذلك إلى وقته وعصره. قال أصحابه: وكذلك هو الآن عندهم، وما ذهب إليه مالك موجود أيضا في أحاديث صحاح في أذان أبي محذورة، وفي أذان عبد الله بن زيد، والعمل عندهم بالمدينة على ذلك في آل سعد القرظي إلى زمانهم. واتفق مالك والشافعي على الترجيع في الاذان، وذلك رجوع المؤذن إذا قال: " أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين " رجع فمد من صوته جهده. ولا خلاف بين مالك والشافعي في الإقامة إلا قوله: " قد قامت الصلاة " فإن مالكا يقولها مرة، والشافعي مرتين، وأكثر العلماء على ما قال الشافعي، وبه جاءت الآثار. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي: الأذان والإقامة جميعا مثنى مثنى، والتكبير عندهم في أول الاذان وأول الإقامة " الله أكبر " أربع مرات، ولا ترجيع عندهم في الاذان، وحجتهم في ذلك حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله ابن زيد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، رأيت في المنام كأن رجلا قام وعليه بردان أخضران على جذم (1) حائط فأذن مثنى وأقام مثنى وقعد بينهما قعدة، فسمع بلال بذلك فقام وأذن مثنى وقعد قعدة وأقام مثنى، رواه الأعمش وغيره عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى، وهو قول جماعة التابعين والفقهاء بالعراق. قال أبو إسحاق السبيعي: كان أصحاب علي وعبد الله يشفعون الأذان والإقامة، فهذا أذان الكوفيين، متوارث عندهم به العمل قرنا بعد قرن أيضا، كما يتوارث الحجازيون، فأذانهم تربيع التكبير مثل المكيين. ثم الشهادة بأن لا إله إلا الله مرة واحدة، وأشهد أن محمدا رسول الله مرة واحدة، ثم حي على الصلاة مرة، ثم حي على الفلاح مرة، ثم يرجع المؤذن فيمد صوته ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله - الاذان كله - مرتين مرتين إلى آخره. قال أبو عمر: ذهب أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وداود بن علي ومحمد بن جرير الطبري إلى إجازة القول بكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملوه على الإباحة والتخيير، قالوا: كل ذلك جائز، لأنه قد ثبت عن رسول الله
(٢٢٧)