أنس النبي صلى الله عليه وسلم قرأ " وكتبنا عليهم فيها أن (1) النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص ". والرفع من ثلاث جهات، بالابتداء والخبر، وعلى المعنى على موضع " أن النفس "، لان المعنى قلنا لهم:
النفس بالنفس. والوجه الثالث - قاله الزجاج - يكون عطفا على المضمر في النفس، لان الضمير في النفس في موضع رفع، لان التقدير أن النفس هي مأخوذة بالنفس، فالأسماء معطوفة على هي. قال ابن المنذر: ومن قرأ بالرفع جعل ذلك ابتداء كلام، حكم في المسلمين، (2) وهذا أصح القولين، وذلك أنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم " والعين بالعين " وكذا ما بعده. والخطاب للمسلمين أمروا بهذا. ومن خص الجروح بالرفع فعلى القطع مما قبلها والاستئناف بها، كأن المسلمين أمروا بهذا خاصة وما قبله لم يواجهوا به.
الرابعة -: هذه الآية تدل على جريان القصاص فيما ذكر وقد تعلق ابن شبرمة بعموم قوله: " والعين بالعين " على أن اليمنى تفقأ باليسرى وكذلك على العكس، وأجرى ذلك في اليد اليمنى واليسرى، وقال: تؤخذ الثنية بالضرس والضرس بالثنية، لعموم قوله تعالى: " والسن بالسن ". والذين خالفوه وهم علماء الأمة قالوا: العين اليمنى هي المأخوذة باليمنى عند وجودها، ولا يتجاوز ذلك إلى اليسرى (3) مع الرضا، وذلك يبين لنا أن المراد بقوله: " والعين بالعين " استيفاء ما يماثله من الجاني، فلا يجوز له أن يتعدى إلى غيره كما لا يتعدى من الرجل إلى اليد في الأحوال كلها، وهذا لا ريب فيه.
الخامسة - وأجمع العلماء على أن العينين إذا أصيبتا خطأ ففيهما الدية، وفي العين الواحدة نصف الدية. وفى عين الأعور إذا فقئت الدية كاملة، روي ذلك عن عمر وعثمان، وبه قال عبد الملك بن مروان والزهري وقتادة ومالك والليث بن سعد وأحمد وإسحق.
وقيل: نصف الدية، روي [ذلك] (4) عن عبد الله بن المغفل ومسروق والنخعي، وبه قال الثوري