فيه تساهل، لان " أين " سؤال عن المواضع و " أنى " سؤال عن المذاهب والجهات.
والمعنى من أي المذاهب ومن أي الجهات لك هذا. وقد فرق الكميت بينهما فقال:
أنى ومن أين آبك الطرب * من حيث لا صبوة ولا ريب.
و " كلما " منصوب ب " وجد "، أي كل دخلة. (إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) قيل:
هو من قول مريم، ويجوز أن يكون مستأنفا، فكان ذلك سبب دعاء زكريا وسؤاله الولد.
الثانية - قوله تعالى (هنالك دعا زكريا ربه) هنالك في موضع نصب، لأنه ظرف يستعمل للزمان والمكان وأصله للمكان. وقال المفضل بن سلمة: " هنالك " في الزمان و " هناك " في المكان، وقد يجعل هذا مكان هذا. (هب لي) أعطني.
(من لدنك) من عندك. (ذرية طيبة) أي نسلا صالحا. والذرية تكون واحدة وتكون جمعا ذكرا وأنثى، وهو هنا واحد. يدل عليه قوله. " فهب لي من لدنك وليا " [مريم: 5] (1) ولم يقل أولياء، وإنما أنث " طيبة " لتأنيث لفظ الذرية، كقوله:
أبو ك خليفة ولدته أخرى * وأنت خليفة ذاك الكمال فأنث ولدته لتأنيث لفظ الخليفة. وروي من حديث أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أي رجل مات وترك ذرية طيبة أجرى الله مثل أجر عملهم ولم ينقص من أجورهم شيئا). وقد مضى في " البقرة " اشتقاق الذرية (2). (طيبة) أي صالحة مباركة.
(إنك سميع الدعاء) أي قابله، ومنه (3): سمع الله لمن حمده.
الثالثة - دلت هذه الآية على طلب الولد، وهي سنة المرسلين والصديقين، قال الله تعالى: " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية " [الرعد: 38] (4). وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: أراد عثمان أن يتبتل فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أجاز له ذلك لاختصينا. وخرج ابن ماجة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ومن كان