دون الشيء، ومانعا منه، فثبت أن العرضة عبارة عن المانع، وأما اللام في قوله: * (لأيمانكم) * فهو للتعليل. إذا عرفت هذا فنقول: تقدير الآية: ولا تجعلوا ذكر الله مانعا بسبب أيمانكم من أن تبروا أو في أن تبروا، فأسقط حرف الجر لعدم الحاجة إليه بسبب ظهوره، قالوا: وسبب نزول الآية أن الرجل كان يحلف على ترك الخيرات من صلة الرحم، أو إصلاح ذات البين، أو إحسان إلى أحد أدعيائه ثم يقول: أخاف الله أن أحنث في يميني فيترك البر إرادة البر في يمينه فقيل: لا تجعلوا ذكر الله مانعا بسبب هذه الأيمان عن فعل البر والتقوى هذا أجود ما ذكره المفسرون وقد طولوا في كلمات أخر، ولكن لا فائدة فيها فتركناها، ثم قال في آخر الآية: * (والله سميع عليم) * أي: إن حلفتم يسمع، وإن تركتم الحلف تعظيما لله وإجلالا له من أن يستشهد باسمه الكريم في الأعراض العاجلة فهو عليم عالم بما في قلوبكم ونيتكم.
قوله تعالى * (لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم) *.
في الآية مسألتان:
المسألة الأولى: * (اللغو) * الساقط الذي لا يعتد به، سواء كان كلاما أو غيره، أما ورود هذه اللفظة في الكلام، فيدل عليه الآية والخبر والرواية، أما الآية فقوله تعالى: * (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) * (القصص: 55) وقوله: * (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما) * (الواقعة: 25) وقوله: * (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) * (فصلت: 26) وقوله: * (لا تسمع فيها لاغية) * (الغاشية: 11) أما قوله: * (وإذا مروا باللغو مروا كراما) * (الفرقان: 72) فيحتمل أن يكون المراد، وإذا مروا بالكلام الذي يكون لغوا، وأن يكون المراد، وإذا مروا بالفعل الذي يكون لغوا.
وأما الخبر فقوله صلى الله عليه وسلم: " من قال يوم الجمعة لصاحبه صه والإمام يخطب فقد لغا ".
وأما الرواية فيقال: لغا الطائر يلغو لغوا إذا صوت، ولغو الطائر تصويته، وأما ورود هذا اللفظ في غير الكلام، فهو أنه يقال لما لا يعتد به من أولاد الإبل: لغو، قال جرير:
يعد الناسبون بني تميم * بيوت المجد أربعة كبارا