تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٢٨
عليه رعاية مصالحه، فهذا تنبيه على أن سبب النسب واللحاق مجرد هذا القدر الثالث: أنه قيل في تفسير قوله: * (يا ابن أم) * (طه: 94) أن المراد منه أن الأم مشفقة على الولد، فكان الغرض من ذكر الأم تذكير الشفقة، فكذا ههنا ذكر الوالد بلفظ المولود له تنبيها على أن هذا الولد إنما ولد لأجل الأب، فكان نقصه عائدا إليه، ورعاية مصالحه لازمة له، كما قيل: كلمة لك، وكلمة عليك.
المسألة الثانية: أنه تعالى كما وصى الأم برعاية جانب الطفل في قوله تعالى: * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) * وصى الأب برعاية جانب الأم حتى تكون قادرة على رعاية مصلحة الطفل فأمره برزقها وكسوتها بالمعروف، والمعرف في هذا الباب قد يكون محدودا بشرط وعقد، وقد يكون غير محدود إلا من جهة العرف، لأنه إذا قام بما يكفيها في طعامها وكسوتها، فقد استغنى عن تقدير الأجرة، فإنه إن كان ذلك أقل من قدر الكفاية لحقها من الجوع والعري، فضررها يتعدى إلى الولد.
المسألة الثالثة: أنه تعالى وصى الأم برعاية الطفل أولا، ثم وصى الأب برعايته ثانيا، وهذا يدل على أن احتياج الطفل إلى رعاية الأم أشد من احتياجه إلى رعاية الأب، لأنه ليس بين الطفل وبين رعاية الأم واسطة البتة، أما رعاية الأب فإنما تصل إلى الطفل بواسطة، فإنه يستأجر المرأة على إرضاعه وحضانته بالنفقة والكسوة، وذلك يدل على أن حق الأم أكثر من حق الأب، والأخبار المطابقة لهذا المعنى كثيرة مشهورة، ثم قال تعالى: * (لا تكلف نفس إلا وسعها) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: التكليف: الإلزام، يقال: كلفه الأمر فتكلف وكلف، وقيل: إن أصله من الكلف، وهو الأثر على الوجه من السواد، فمعنى تكلف الأمر اجتهد أن يبين فيه أثره وكلفه ألزمه ما يظهر فيه أثره، والوسع ما يسع الإنسان فيطيقه أخذه، من سعة الملك أي العرض، ولو ضاق لعجز عنه، والسعة بمنزلة القدرة، فلهذا قيل: الوسع فوق الطاقة.
المسألة الثانية: المراد من الآية أن أب هذا الصبي لا يكلف الإنفاق عليه وعلى أمه، إلا ما تتسع له قدرته، لأن الوسع في اللغة ما تتسع له القدرة، ولا يبلغ استغراقها، وبين أنه لا يلزم الأب إلا ذلك، وهو نظير قوله في سورة الطلاق: * (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) * ثم قال: * (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) * ثم بين في النفقة أنها على قدر إمكان الرجل بقوله: * (لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها) * (الطلاق: 6، 7).
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220