* (سل بنى إسراءيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جآءته فإن الله شديد العقاب) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: * (سل) * كان في الأصل اسأل فتركت الهمزة التي هي عين الفعل لكثرة الدور في الكلام تخفيفا، ونقلت حركتها إلى الساكن الذي قبلها، وعند هذا التصريف استغنى عن ألف الوصل، وقال قطرب: يقال سأل يسأل مثل زأر الأسد يزأر، وسأل يسأل، مثل خاف يخاف، والأمر فيه: سل مثل خف، وبهذا التقدير قرأ نافع وابن عامر * (سأل سائل) * على وزن قال، وكال، وقوله: * (كم) * هو اسم مبني على السكون موضوع للعدد، يقال إنه من تأليف كاف التشبيه مع * (ما) * ثم قصرت (ما) وسكنت الميم، وبنيت على السكون لتضمنها حرف الاستفهام، وهي تارة تستعمل في الخبر وتارة في الاستفهام وأكثر لغة العرب الجر به عند الخبر، والنصب عند الاستفهام، ومن العرب ينصب به في الخبر، ويجر به في الاستفهام، وهي ههنا يحتمل أن تكون استفهامية، وأن تكون خبرية.
المسألة الثانية: اعلم أنه ليس المقصود: سل بني إسرائيل ليخبروك عن تلك الآيات فتعلمها وذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان عالما بتلك الأحوال بإعلام الله تعالى إياه، بل المقصود منه المبالغة في الزجر عن الإعراض عن دلائل الله تعالى، وبيان هذا الكلام أنه تعالى قال: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة، ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * (البقرة: 208) فأمر بالإسلام ونهى عن الكفر، ثم قال: * (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات) * أي فإن أعرضتم عن هذا التكليف