ثم إنه تعالى ختم الآية بالتهديد فقال: * (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) * وهو تنبيه على أنه تعالى لما كان عالما بالسر والعلانية، وجب الحذر في كل ما يفعله الإنسان في السر والعلانية ثم ذكر بعد الوعيد الوعد، فقال: * (واعلموا أن الله غفور حليم) *.
الحكم الثالث عشر حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى * (لا جناح عليكم إن طلقتم النسآء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين) *.
اعلم أن أقسام المطلقات أربعة أحدها: المطلقة التي تكون مفروضا لها ومدخولا بها وقد ذكر الله تعالى فيما تقدم أحكام هذا القسم وهو أنه لا يؤخذ منهن على الفراق شيء على سبيل الظلم ثم أخبر أن لهن كمال المهر، وأن عدتهن ثلاثة قروء.
والقسم الثاني: من المطلقات ما لا يكون مفروضا ولا مدخولا بها وهو الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية، وذكر أنه ليس لها مهر، وأن لها المتعة بالمعروف.
والقسم الثالث: من المطلقات: التي يكون مفروضا لها، ولكن لا يكون مدخولا بها وهي المذكورة في الآية التي بعد هذه الآية، وهي قوله سبحانه وتعالى: * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) * (البقرة: 237) واعلم أنه تعالى بين حكم عدة غير المدخول بها وذكر في سورة الأحزاب أنه لا عدة عليها البتة، فقال: * (إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن) * (الأحزاب: 49).
القسم الرابع: من المطلقات: التي تكون مدخولا بها، ولكن لا يكون مفروضا لها، وحكم هذا القسم مذكور في قوله: * (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) * (النساء: 24) أيضا القياس الجلي دال عليه