تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٢١٨
عيسى عليه السلام الموتى.
والقول الثالث: وهو قول أبي مسلم: أن روح القدس الذي أيد به يجوز أن يكون الروح الطاهرة التي نفخها الله تعالى فيه، وأبانه بها عن غيره ممن خلق من اجتماع نطفتي الذكر والأنثى.
ثم قال تعالى: * (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعلق هذه بما قبلها هو أن الرسل بعدما جاءتهم البينات، ووضحت لهم الدلائل والبراهين، اختلفت أقوامهم، فمنهم من آمن ومنهم من كفر، وبسبب ذلك الاختلاف تقاتلوا وتحاربوا.
المسألة الثانية: احتج القائلون بأن كل الحوادث بقضاء الله وقدره بهذه الآية، وقالوا تقدير الآية: ولو شاء الله أن لا يقتتلوا لم يقتتلوا، والمعنى أن عدم الاقتتال لازم لمشيئة عدم الاقتتال، وعدم اللازم يدل على عدم اللزوم، فحيث وجد الاقتتال علمنا أن مشيئه عدم الاقتتال مفقودة، بل كان الحاصل هو مشيئة الاقتتال، ولا شك أن ذلك الاقتتال معصية، فدل ذلك على أن الكفر والإيمان والطاعة والعصيان بقضاء الله وقدره ومشيئته، وعلى أن قتل الكفار وقتالهم للمؤمنين بإرادة الله تعالى.
وأما المعتزلة فقد أجابوا عن الاستدلال، وقالوا: المقصود من الآية بيان أن الكفار إذا قتلوا فليس ذلك بغلبة منهم لله تعالى وهذا المقصود يحصل بأن يقال: إنه تعالى لو شاء لأهلكهم وأبادهم أو يقال: لو شاء لسلب القوى والقدر منهم أو يقال: لو شاء لمنعهم من القتال جبرا وقسرا وإذا كان كذلك فقوله: * (ولو شاء الله) * المراد منه هذه الأنواع من المشيئة، وهذا كما يقال: لو شاء الإمام لم يعبد المجوس النار في مملكته، ولم تشرب النصارى الخمر، والمراد منه المشيئة التي ذكرناها، وكذا ههنا، ثم أكد القاضي هذه الأجوبة وقال: إذا كانت المشيئة تقع على وجوه وتنتفي على وجوه لم يكن في الظاهر دلالة على الوجه المخصوص، لا سيما وهذه الأنواع من المشيئة متباينة متنافية.
والجواب: أن أنواع المشيئة وإن اختلفت وتباينت إلا أنها مشتركة في عموم كونها مشيئة، والمذكور في الآية في معرض الشرط هو المشيئة من حيث إنها مشيئة، لا من حيث إنها مشيئة خاصة، فوجب أن يكون هذا المسمى حاصلا، وتخصيص المشيئة بمشيئة خاصة، وهي إما مشيئة الهلاك، أو مشيئة سلب القوى والقدر، أو مشيئة القهر والإجبار، تقييد للمطلق وهو غير جائز، وكما أن هذا التخصيص على خلاف ظاهر اللفظ فهو على خلاف الدليل القاطع، وذلك لأن الله تعالى إذا كان عالما بوقوع الاقتتال، والعلم بوقوع الاقتتال حال عدم وقوع الاقتتال جمع بين
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220