تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٢٨
من فروض الكفايات، إلا أن يدخل المشركون ديار المسلمين فإنه يتعين الجهاد حينئذ على الكل والله أعلم.
المسألة الثانية: قوله: * (وهو كره لكم) * فيه إشكال وهو أن الظاهر من قوله: * (كتب عليكم) * أن هذا الخطاب مع المؤمنين، والعقل يدل عليه أيضا لأن الكافر لا يؤمر بقتال الكافر، وإذا كان كذلك فكيف قال: * (وهو كره لكم) * فإن هذا يشعر بكون المؤمن كارها لحكم الله وتكليفه وذلك غير جائز، لأن المؤمن لا يكون ساخطا لأوامر الله تعالى وتكاليفه، بل يرضى بذلك ويحبه ويتمسك به ويعلم أنه صلاحه وفي تركه فساده.
والجواب من وجهين: الأول: أن المراد من الكره، كونه شاقا على النفس، والمكلف وإن علم أن ما أمره الله به فهو صلاحه، لكن لا يخرج بذلك عن كونه ثقيلا شاقا على النفس، لأن التكليف عبارة عن إلزام ما في فعله كلفة ومشقة، ومن المعلوم أن أعظم ما يميل إليه الطبع الحياة، فلذلك أشق الأشياء على النفس القتال الثاني: أن يكون المراد كراهتهم للقتال قبل أن يفرض لما فيه من الخوف، ولكثرة الأعداء فبين الله تعالى أن الذي تكرهونه من القتال خير لكم من تركه لئلا تكرهونه بعد أن فرض عليكم.
المسألة الثالثة: الكره بضم الكاف هو الكراهة بدليل قوله: * (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) * ثم فيه وجهان أحدهما: أن يكون المعنى وضع المصدر موضع الوصف مبالغة كقول الخنساء: فإنما هي إقبال وإدبار (c) كأنه في نفسه كراهة لفرط كراهتهم له والثاني: أن يكون فعلا بمعنى مفعول، كالخبر بمعنى المخبور أي وهو مكروه لكم وقرأ السلمي بالفتح وهما لغتان كالضعف والضعف، ويجوز أن يكون بمعنى الإكراه على سبيل المجاز، كأنهم أكرهوا عليه لشدة كراهتهم له، ومشقته عليهم، ومنه قوله تعالى: * (حملته أمه كرها ووضعته كرها) * (الأحقاف: 15) والله أعلم وقال بعضهم: الكره، بالضم ما كرهته مما لم تكره عليه، وإذا كان بالإكراه فبالفتح.
أما قوله: * (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: * (عسى) * فعل درج مضارعه وبقي ماضيه فيقال منه، عسيتما وعسيتم قال تعالى: * (فهل عسيتم) * (محمد: 22) ويرتفع الاسم بعده كما يرتفع بعد الفعل فتقول: عسى زيد. كما تقول: قام زيد ومعناه: قرب قال تعالى: * (قل عسى أن يكون ردف لكم) * (النمل: 72) أي قرب، فقولك عسى زيد أن يقوم تقديره عسى قيام زيد
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220