تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٨٤
يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ثم ليكفر " وهذا التأويل ضعيف من وجهين الأول: هو أن المؤاخذة المذكورة في هذه الآية صارت مفسرة في آية المائدة بقوله تعالى: * (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته) * (المائدة: 89) ولما كان المراد بالمؤاخذة إيجاب الكفارة وههنا الكفارة واجبة، علمنا أن المراد من الآية ليس هو هذه الصورة الثاني: أنه تعالى جعل المقابل للغو هو كسب القلب، ولا يمكن تفسيره بما ذكره من الإصرار على الشيء الذي حلفوا عليه لأن كسب القلب مشعر بالشروع في فعل جديد، فأما الاستمرار على ما كان فذلك لا يسمى كسب القلب.
القول الرابع: في تفسير يمين اللغو: أنها اليمين المكفرة سميت لغوا لأن الكفارة أسقطت الإثم، فكأنه قيل: لا يؤاخذكم الله باللغو إذا كفرتم، وهذا قول الضحاك.
القول الخامس: وهو قول القاضي: أن المراد به ما يقع سهوا غير مقصود إليه، والدليل عليه قوله تعالى بعد ذلك: * (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) * أي يؤاخذكم إذا تعمدتم، ومعلوم أن المقابل للعمد هو السهو.
المسألة الثانية: احتج الشافعي رضي الله عنه بهذه الآية على وجوب الكفارة في اليمين الغموس، قال: إنه تعالى ذكر ههنا * (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) * وقال في آية المائدة: * (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) * وعقد اليمين محتمل لأن يكون المراد منه عقد القلب به، ولأن يكون المراد به العقد الذي يضاد الحل، فلما ذكر ههنا قوله: * (بما كسبت قلوبكم) * علمنا أن المراد من ذلك العقد هو عقد القلب، وأيضا ذكر المؤاخذة ههنا، ولم يبين أن تلك المؤاخذة ما هي، وبينها في آية المائدة بقوله: * (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته) * فبين أن المؤاخذة هي الكفارة، فكل واحدة من هاتين الآيتين مجملة من وجه، مبينة من وجه آخر فصارت كل واحدة منهما مفسرة للأخرى من وجه، وحصل من كل واحدة منهما أن كل يمين ذكر على سبيل الجد وربط القلب، فالكفارة واجبة فيها، واليمين الغموس كذلك فكانت الكفارة واجبة فيها.
أما قوله تعالى: * (والله غفور رحيم) * فقد علمت أن: الغفور، مبالغة في ستر الذنوب، وفي إسقاط عقوبتها، وأما: الحليم، فاعلم أن الحلم في كلام العرب الأناة والسكون، يقال: ضع الهودج على أحلم الجمال، أي على أشدها تؤدة في السير، ومنه الحلم لأنه يرى في حال السكون، وحلمة الثدي، ومعنى: الحليم، في صفة الله: الذي لا يعجل بالعقوبة، بل يؤخر عقوبة الكفار والفجار.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220