التخصيص أكثر، وهذه الآية ليست كذلك فإنكم أخرجتم من عمومها خمسة أقسام وتركتم قسما واحدا، فإطلاق لفظ العام في مثل هذا الموضع لا يليق بحكمة الله تعالى.
والجواب: أما الأجنبية فخارجة عن اللفظ فإن الأجنبية لا يقال فيها: إنها مطلقة، وأما غير المدخول بها فالقرينة تخرجها لأن المقصود من العدة براءة الرحم، والحاجة إلى البراءة لا تحصل إلا عند سبق الشغل، وأما الحامل والآيسة فهما خارجتان عن اللفظ لأن إيجاب الاعتداد بالأقراء إنما يكون حيث تحصل الإقراء، وهذان القسمان لم تحصل الإقراء في حقهما، وأما الرقيقة فتزويجها كالنادر فثبت أن الأعم الأغلب باق تحت هذا العموم.
السؤال الثاني: قوله: * (يتربصن) * لا شك أنه خبر، والمراد منه الأمر فما الفائدة في التعبير عن الأمر بلفظ الخبر.
والجواب من وجهين: الأول: أنه تعالى لو ذكره بلفظ الأمر لكان ذلك يوهم أنه لا يحصل المقصود إلا إذا شرعت فيها بالقصد والاختيار، وعلى هذا التقدير فلو مات الزوج ولم تعلم المرأة ذلك حتى انقضت العدة وجب أن لا يكون ذلك كافيا في المقصود، لأنها لما كانت مأمورة بذلك لم تخرج عن العهدة إلا إذا قصدت أداء التكليف، أما لما ذكر الله تعالى هذا التكليف بلفظ الخبر زال ذلك الوهم، وعرف أنه مهما انقضت هذه العدة حصل المقصود، سواء علمت ذلك أو لم تعلم وسواء شرعت في العدة بالرضا أو بالغضب الثاني: قال صاحب " الكشاف ": التعبير عن الأمر بصيغة الخبر يفيد تأكيد الأمر إشعارا بأنه مما يجب أن يتعلق بالمسارعة إلى امتثاله، فكأنهن امتثلن الأمر بالتربص فهو يخبر عنه موجودا، ونظيره قولهم في الدعاء: رحمك الله أخرج في صورة الخبر ثقة بالإجابة كأنها وجدت الرحمة فهو يخبر عنها.
السؤال الثالث: لو قال يتربص المطلقات: لكان ذلك جملة من فعل وفاعل، فما الحكمة في ترك ذلك، وجعل المطلقات مبتدأ، ثم قوله: * (يتربص) * إسناد الفعل إلى الفاعل، ثم جعل هذه الجملة خبرا عن ذلك المبتدأ.
الجواب: قال الشيخ عبد القاهر الجرجاني في كتاب " دلائل الإعجاز ": إنك إذا قدمت الاسم فقلت: زيد فعل فهذا يفيد من التأكيد والقوة ما لا يفيده قولك: فعل زيد، وذلك لأن قولك: زيد فعل يستعمل في أمرين أحدهما: أن يكون لتخصيص ذلك الفاعل بذلك الفعل، كقولك: أنا أكتب في المهم الفلاني إلى السلطان، والمراد دعوى الإنسان الانفراد الثاني: أن لا يكون المقصود ذلك، بل المقصود أن تقديم ذكر المحدث عنه بحديث كذا لإثبات ذلك الفعل، كقولهم: