الحكم الثامن قوله تعالى * (نسآؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لانفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: ذكروا في سبب النزول وجوها أحدها: روي أن اليهود قالوا: من جامع امرأته في قبلها من دبرها كان ولدها أحول مخبلا، وزعموا أن ذلك في التوراة، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كذبت اليهود ونزلت هذه الآية وثانيها: روي عن ابن عباس أن عمر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، وحكى وقوع ذلك منه، فأنزل الله تعالى هذه الآية وثالثها: كانت الأنصار تنكر أن يأتي الرجل المرأة من دبرها في قبلها، وكانوا أخذوا ذلك من اليهود، وكانت قريش تفعل ذلك فأنكرت الأنصار ذلك عليهم، فنزلت الآية.
المسألة الثانية: * (حرث لكم) * أي مزرع ومنبت للولد، وهذا على سبيل التشبيه، ففرج المرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالنبات الخارج، والحرث مصدر، ولهذا وحد الحرث فكان المعنى نساؤكم ذوات حرث لكم فيهن تحرثون للولد، فحذف المضاف، وأيضا قد يسمى موضع الشيء باسم الشيء على سبيل المبالغة كقوله: فإنما هي إقبالي وإدبار (c) ويقال: هذا أمر الله، أي مأموره، وهذا شهوة فلان، أي مشتهاه، فكذلك حرث الرجل محرثة.
المسألة الثالثة: ذهب أكثر العلماء إلى أن المراد من الآية أن الرجل مخير بين أن يأتيها من قبلها في قبلها، وبين أن يأتيها من دبرها في قبلها، فقوله: * (أنى شئتم) * محمول على ذلك، ونقل نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: المراد من الآية تجويز إتيان النساء في أدبارهن، وسائر الناس