الحكم العاشر قوله تعالى * (للذين يؤلون من نسآئهم تربص أربعة أشهر فإن فآءوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: آلى يؤالي إيلاء، وتألى يتألى تأليا، وائتلى يأتلي ائتلاء، والاسم منه ألية وألوة، كلاهما بالتشديد، وحكى أبو عبيدة الوة والوة والوة ثلاثة لغات، وبالجملة فالألية والقسم واليمين، والحلف، كلها عبارات عن معنى واحد، وفي الحديث حكاية عن الله تعالى: " آليت أفعل خلاف المقدرين " وقال كثير: قليل الألايا حافظ ليمينه * فإن سبقت منه الألية برت هذا هو معنى اللفظ بحسب أصل اللغة، أما في عرف الشعر فهو اليمين على ترك الوطء، كما إذا قال: والله لا أجامعك، ولا أباضعك، ولا أقربك، ومن المفسرين من قال: في الآية حذف تقديره: للذين يؤلون أن يعتزلوا من نسائهم، إلا أنه حذف لدلالة الباقي عليه، وأنا أقول: هذا الإضمار إنما يحتاج إليه إذا حملنا لفظ الإيلاء على المعهود اللغوي، أما إذا حملناه على المتعارف في الشرع استغنينا عن هذا الإضمار.
المسألة الثانية: روي أن الإيلاء في الجاهلية كان طلاقا قال سعيد بن المسيب: كان الرجل لا يريد المرأة ولا يجب أن يتزوجها غيره فيحلف أن لا يقربها، فكان يتركها بذلك لا أيما ولا ذات بعل، والغرض منه مضارة المرأة، ثم إن أهل الإسلام كانوا يفعلون ذلك أيضا، فأزال الله تعالى ذلك وأمهل للزوج مدة حتى يتروى ويتأمل، فإن رأى المصلحة في ترك هذه المضارة فعلها، وإن رأى المصلحة في المفارقة عن المرأة فارقها.
المسألة الثالثة: قرأ عبد الله * (آلوا من نسائهم) * وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما * (يقسمون من نسائهم) *.