قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك أن أرادوا اصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) اعلم أن هذا هو الحكم الثاني للطلاق وهو الرجعية، وفي البعولة قولان أحدهما: أنه جمع بعل، كالفحولة والذكورة والجدودة والعمومة، وهذه الهاء زائدة مؤكدة لتأنيث الجماعة ولا يجوز إدخالها في كل جمع بل فيما رواه أهل اللغة عن العرب، فلا يقال في كعب: كعوبه، ولا في كلب: كلابة، واعلم أن اسم البعل مما يشترك فيه الزوجان فيقال للمرأة بعلة، كما يقال لها زوجة في كثير من اللغات، وزوج في أفصح اللغات فهما بعلان، كما أنهما زوجان، وأصل البعل السيد المالك فيما قيل، يقال: من بعل هذه الناقة؟ كما يقال: من ربها، وبعل اسم صنم كانوا يتخذونه ربا، وقد كان النساء يدعون أزواجهن بالسؤدد.
القول الثاني: أن العبولة مصدر، يقال: بعل الرجل يبعل بعولة، إذا صار بعلا، وباعل الرجل امرأته إذا جامعها، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أيام التشريق: " أنها أيام أكل وشرب وبعال " وامرأته حسنة البعل إذا كانت تحسن عشرة زوجها، ومنه الحديث " إذا أحسنتن ببعل أزواجكن " وعلى هذا الوجه كان معنى الآية: وأهل بعولتهن.
وأما قوله: * (أحق بردهن في ذلك) * فالمعنى: أحق برجعتهن في مدة ذلك التربص وههنا سؤالات:
السؤال الأول: ما فائدة قوله: * (أحق) * مع أنه لا حق لغير الزوج في ذلك.
الجواب من وجهين الأول: أنه تعالى قال قبل هذه الآية: * (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) * كان تقدير الكلام: فإنهن إن كتمن لأجل أن يتزوج بهن زوج آخر، فإذا فعلن ذلك كان الزوج الأول أحق بردهن، وذلك لأنه ثبت للزوج الثاني حق في الظاهر، فبين أن الزوج الأول أحق منه، وكذا إذا ادعت انقضاء أقرائها ثم علم خلافه فالزوج الأول أحق من الزوج الآخر في العدة الثاني: إذا كانت معتدة فلها في مضي العدة حق انقطاع النكاح فلما كان لهن هذا الحق الذي يتضمن إبطال حق الزوج جاز أن يقول: * (وبعولتهن أحق) * من حيث