وإنما قلت: ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك، لان الله جل ثناؤه أخبر نبيه (ص) بما أكرمه به من عطيته وكرامته، وإنعامه عليه بالكوثر، ثم أتبع ذلك قوله: فصل لربك وانحر، فكان معلوما بذلك أنه خصه بالصلاة له، والنحر على الشكر له، على ما أعلمه من النعمة التي أنعمها عليه، بإعطائه إياه الكوثر، فلم يكن لخصوص بعض الصلاة بذلك دون بعض، وبعض النحر دون بعض، وجه، إذ كان حثا على الشكر على النعم.
فتأويل الكلام إذن: إنا أعطيناك يا محمد الكوثر، إنعاما منا عليك به، وتكرمة منا لك، فأخلص لربك العبادة، وأفرد له صلاتك ونسكك، خلافا لما يفعله من كفر به، وعبد غيره، ونحر للأوثان.
وقوله: إن شانئك هو الأبتر يعني بقوله جل ثناؤه: إن شانئك إن مبغضك يا محمد وعدوك هو الأبتر يعني بالأبتر: الأقل والأذل المنقطع دابره، الذي لا عقب له.
واختلف أهل التأويل في المعني بذلك، فقال بعضهم: عني به العاص بن وائل السهمي. ذكر من قال ذلك:
29553 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: إن شانئك هو الأبتر يقول: عدوك.
29554 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: إن شانئك هو الأبتر قال: هو العاص بن وائل.
29555 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن هلال بن خباب، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: إن شانئك هو الأبتر قال: هو العاص بن وائل.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن هلال، قال: سألت سعيد بن جبير، عن قوله: إن شانئك هو الأبتر قال: عدوك العاص بن وائل انبتر من قومه.
29556 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في