وصدوا عن البيت، فأمره الله أن يصلي، وينحر البدن، وينصرف، ففعل. ذكر من قال ذلك:
29551 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر، قال:
ثني أبو معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير أنه قال: كانت هذه الآية، يعني قوله: فصل لربك وانحر يوم الحديبية، أتاه جبريل عليه السلام، فقال: انحر وارجع، فقام رسول الله (ص)، فخطب خطبة الفطر والنحر، ثم ركع ركعتين، ثم انصرف إلى البدن فنحرها، فذلك حين يقول: فصل لربك وانحر.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فصل وادع ربك وسله. ذكر من قال ذلك:
29552 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك فصل لربك وانحر قال: صل لربك وسل.
وكان بعض أهل العربية يتأول قوله: وانحر واستقبل القبلة بنحرك. وذكر أنه سمع بعض العرب يقول: منازلهم تتناحر: أي هذا بنحر هذا: أي قبالته. وذكر أن بعض بني أسد أنشده:
أبا حكم هل أنت عم مجالد * وسيد أهل الأبطح المتناحر؟
أي ينحر بعضه بعضا.
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان، شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كف ء له، وخصك به، من إعطائه إياك الكوثر.