وقوله: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره يقول: فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير، يرى ثوابه هنالك ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره يقول: ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه هنالك، وقيل: ومن يعمل، والخبر عنها في الآخرة، لفهم السامع معنى ذلك، لما قد تقدم من الدليل قبل، على أن معناه: فمن عمل ذلك دلالة قوله: يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم على ذلك. ولكن لما كان مفهوما معنى الكلام عند السامعين. وكان في قوله: يعمل حث لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله، والزجر عن معاصيه، مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل ذلك، على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله، وما لهم على ذلك، أخرج الخبر على وجه الخبر عن مستقبل الفعل.
وبنحو الذي قلنا من أن جميعهم يرون أعمالهم، قال: أهل التأويل ذكر من قال ذلك:
29219 - حدثني علي، قال: ثنا بو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره قال: ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا ولا شرا في الدنيا، إلا أتاه الله إياه. فأما المؤمن فيريه حسناته وسيئاته، فيغفر الله له سيئاته.
وأما الكافر فيرد حسناته، ويعذبه بسيئاته. وقيل في ذلك غير هذا القول، فقال بعضهم: أما المؤمن، فيعجل له عقوبة سيئاته في الدنيا، ويؤخر له ثواب حسناته، والكافر يعجل له ثواب حسناته، ويؤخر له عقوبة سيئاته. ذكر من قال ذلك:
29220 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا محمد بن بشر، قال: حدثنيه محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن قتادة، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، وهو يفسر هذه الآية: فمن يعمل مثقال ذرة قال: من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر ير ثوابه في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده، حتى يخرج من الدنيا، وليس له عنده خير ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره من مؤمن ير عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده، حتى يخرج من الدنيا وليس عنده شئ.
حدثني محمود بن خداش، قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي، قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، قال: سألت محمد بن كعب القرظي، عن هذه الآية: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قال: من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر، ير ثوابها في نفسه وأهله وماله، حتى يخرج من الدنيا وليس له خير ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن، ير عقوبتها في نفسه وأهله وماله، حتى يخرج وليس له شر.