واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الكوفة تصلى بفتح التاء، بمعنى: تصلى الوجوه. وقرأ ذلك أبو عمرو: تصلى بضم التاء اعتبارا بقوله: تسقى من عين آنية، والقول في ذلك أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: تسقى من عين آنية يقول: تسقى أصحاب هذه الوجوه من شراب عين قد أنى حرها، فبلغ غايته في شدة الحر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28674 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: تسقى من عين آنية قال: هي التي قد أطال أنيها.
28675 - حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: تسقى من عين آنية قال: أنى طبخها منذ يوم خلق الله الدنيا.
28676 - حدثني به يعقوب مرة أخرى، فقال: منذ يوم خلق الله السماوات والأرض.
28677 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: من عين آنية قال: قد بلغت إناها، وحان شربها.
28678 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: تسقى من عين آنية يقول: قد أنى طبخها منذ خلق الله السماوات والأرض.
28679 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، في قوله: من عين آنية قال: من عين أنى حرها: يقول: قد بلغ حرها.
وقال بعضهم: عني بقوله: من عين آنية من عين حاضرة. ذكر من قال ذلك:
28680 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
تسقى من عين آنية قال: آنية: حاضرة.
وقوله: ليس لهم طعام إلا من ضريع يقول: ليس لهؤلاء الذين هم أصحاب الخاشعة العاملة الناصبة يوم القيامة، طعام إلا ما يطعمونه من ضريع. والضريع عند العرب: نبت يقال له الشبرق، وتسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس، ويسميه غيرهم:
الشبرق، وهو سم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: