والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله قال لنبيه (ص): هل أتاك حديث الغاشية ولم يخبرنا أنه عنى غاشية القيامة، ولا أنه عنى غاشية النار، وكلتاهما غاشية، هذه تغشى الناس بالبلاء والأهوال والكروب، وهذه تغشى الكفار باللفح في الوجوه، والشواظ والنحاس، فلا قول في ذلك أصح من أن يقال كما قال جل ثناؤه، ويعم الخبر بذلك كما عمه.
وقوله: وجوه يومئذ خاشعة يقول تعالى ذكره: وجوه يومئذ، وهي وجوه أهل الكفر به. خاشعة: يقول: ذليلة. ذكر من قال ذلك:
28668 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وجوه يومئذ خاشعة: أي ذليلة.
28669 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: خاشعة قال: خاشعة في النار.
وقوله: عاملة يعني: عاملة في النار. وقوله: ناصبة يقول: ناصبة فيها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28670 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس عاملة ناصبة فإنها تعمل وتنصب في النار.
28671 - حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سمعت الحسن، قرأ: عاملة ناصبة قال: لم تعمل لله في الدنيا، فأعملها في النار.
28672 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة عاملة ناصبة تكبرت في الدنيا عن طاعة الله، فأعملها وأنصبها في النار.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:
عاملة ناصبة قال: عاملة ناصبة في النار.
28673 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
عاملة ناصبة قال: لا أحد أنصب ولا أشد من أهل النار.
وقوله: تصلى نارا حامية يقول تعالى ذكره: ترد هذه الوجوه نارا حامية قد حميت واشتد حرها.