يعني: صاحب لبن، وصاحب تمر. وزعم بعض الكوفيين أن معنى ذلك: لا تسمع فيها حالفة على الكذب، ولذلك قيل لاغية ولهذا الذي قاله مذهب ووجه، لولا أن أهل التأويل من الصحابة والتابعين على خلافه، وغير جائز لاحد خلافهم فيما كانوا عليه مجمعين. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28691 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: لا تسمع فيها لاغية يقول: لا تسمع أذى ولا باطلا.
28692 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
لا تسمع فيها لاغية قال: شتما.
28693 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: لا تسمع فيها لاغية: لا تسمع فيها باطلا، ولا شاتما.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الكوفة وبعض قراء المدينة وهو أبو جعفر لا تسمع بفتح التاء، بمعنى: لا تسمع الوجوه. وقرأ ذلك ابن كثير ونافع وأبو عمرو: لا تسمع بضم التاء، بمعنى ما لم يسم فاعله، ويؤنث تسمع، لتأنيث لاغية. وقرأ ابن محيصن بالضم أيضا، غير أنه كان يقرؤها بالياء، على وجه التذكير.
والصواب من القول في ذلك عندي، أن كل ذلك قراءات معروفات صحيحات المعاني، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: فيها عين جارية يقول: في الجنة العالية عين جارية في غير أخدود.
وقوله: فيها سرر مرفوعة والسرر: جمع سرير، مرفوعة ليرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما خوله ربه من النعيم والملك فيها، ويلحق جميع ذلك بصره.
وقيل: عني بقول مرفوعة: موضونة. ذكر من قال ذلك:
28694 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: فيها سرر مرفوعة يعني: موضونة، كقوله: سرر مصفوفة، بعضها فوق بعض.