وإنما قلت: هذا أولى التأويلين بالصواب، لان الله أتبع ذلك قوله إن بطش ربك لشديد فكان للبيان عن معنى شدة بطشه الذي قد ذكره قبله، أشبه به بالبيان عما لم يجر له ذكر ومما يؤيد ما قلنا من ذلك وضوحا وصحة، قوله: وهو الغفور الودود فبين ذلك عن أن الذي قبله من ذكر خبره عن عذابه وشدة عقابه.
وقوله: وهو الغفور الودود يقول تعالى ذكره: وهو ذو المغفرة لمن تاب إليه من ذنوبه، وذو المحبة له. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28565 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: الغفور الودود يقول: الحبيب.
28566 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله:
الغفور الودود قال الرحيم.
وقوله: ذو العرش المجيد يقول تعالى ذكره: ذو العرش الكريم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28567 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ذو العرش المجيد يقول: الكريم.
واختلفت القراء في قراءة قوله: المجيد فقرأته عامة قراء المدينة ومكة والبصرة وبعض الكوفيين رفعا، ردا على قوله: ذو العرش على أنه من صفة الله تعالى ذكره. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة خفضا، على أنه من صفة العرش.
والصواب من القول في ذلك عندنا: أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: فعال لما يريد يقول: هو غفار لذنوب من شاء من عباده إذا تاب وأناب منها، معاقب من أصر عليها وأقام، لا يمنعه مانع من فعل أراد أن يفعله، ولا يحول بينه وبين ذلك حائل، لان له ملك السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم.
وقوله: هل أتاك حديث الجنود يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): هل جاءك يا محمد حديث الجنود، الذين تجندوا على الله ورسوله بأذاهم ومكروههم يقول: قد أتاك ذلك وعلمته، فاصبر لاذى قومك إياك، لما نالوك به من مكروه، كما صبر الذين تجند