العوام رضي الله عنهما، فقال: أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد اجتمعنا له في أمرهم، فخرجا حتى أدركا بالحليفة، حليفة ابن أبي أحمد فاستنزلاها فالتمسا في رحلها، فلم يجدا شيئا، فقال لها علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
إني أحلف بالله ما كذب رسول الله (ص) ولا كذبنا، ولتخرجن إلي هذا الكتاب، أو لنكشفنك فلما رأت الجد منه، قالت: أعرض عني، فأعرض عنها، فحلت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب فدفعته إليه فجاء به إلى رسول الله (ص)، فدعا رسول الله (ص) حاطبا، فقال: يا حاطب ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت، ولكني كنت امرأ في القوم ليس لي أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم أهل وولد، فصانعتهم عليه، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فلأضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق، فقال رسول الله (ص): وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله عز وجل في حاطب يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء... إلى قوله وإليك أنبنا... إلى آخر القصة.
* - حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عروة قال: لما نزلت: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء في حاطب بن أبي بلتعة، كتب إلى كفار قريش كتابا ينصح لهم فيه، فأطلع الله نبيه عليه الصلاة والسلام على ذلك، فأرسل عليا والزبير، فقال: اذهبا فإنكما ستجدن امرأة بمكان كذا وكذا، فأتيا بكتاب معها، فانطلقا حتى أدركاها، فقالا: الكتاب الذي معك، قالت: ليس معي كتاب، فقالا: والله لا ندع معك شيئا إلا فتشناه، أو تخرجينه، قالت: أو لستم مسلمين؟ قالا:
بلى، ولكن النبي (ص) أخبرنا أن معك كتابا قد أيقنت أنفسنا أنه معك فلما رأت جدهما أخرجت كتابا من بين قرونها، فذهبا به إلى النبي (ص)، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى كفار قريش، فدعاه النبي (ص) فقال: أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: نعم، قال: ما حملك على ذلك؟ قال: أما والله ما ارتبت في الله منذ أسلمت، ولكني كنت امرأ غريبا فيكم أيها الحي من قريش، وكان لي بمكة مال وبنون، فأردت أن أدفع بذلك عنهم، فقال